الحصار المفروض على غزة.. وإسرائيل

**khawla1** السبت أبريل 11, 2009 6:22 am

لا يكاد يمر واحد إلا وتسلط فيه مختلف وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية الضوء على الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة.
لقد أصبح الحصار المضروب على قطاع غزة يمثل قضية أساسية مطروحة في المنابر الدولية المعنية بحقوق الإنسان. لا ينكر أحد أن معاناة سكان غزة حقيقية ومؤلمة حتى إذا تجاهلنا الخسائر البشرية الفادحة والدمار العارم الذي لحق بالقطاع جراء الأزمة.
في تلك الأثناء بدأت التفاصيل تطفو على السطح حول قيام الجنود الإسرائيليين بقتل المدنيين الفلسطينيين مما زاد من تلويث صورة إسرائيل في المحافل الدولية.
فالصورة الكاريكاتيرية التي نشرت مؤخرا والتي تشبه جنديا إسرائيليا يحمل نجمة داود بأحد الجنود النازيين مليئة بالدلالات وعكست صورة إسرائيل.

هذا يكفي كي تبادر إسرائيل إلى فتح تحقيق يتولى من خلاله فريق قضائي مستقل تقصي مختلف المزاعم من دون التستر على أي شيء.
إن معاناة سكان غزة معاناة لجميع بني البشر.. رغم أن القيادة المنتخبة في القطاع تتحمل قسطا كبيرا من المسئولية، فهذا لا يهم ولا يتسع له المجال لأن المأساة الإنسانية الطاحنة كانت ستختفي بسرعة لو ان القطاع كان يحكمه أناس يفضلون الحياة والسلام على الموت والحرب والدمار.هناك أزمة إنسانية حقيقية في غزة لكن هناك أيضا أزمة إنسانية إسرائيلية، فإلى جانب الحصار المفروض على قطاع غزة هناك أيضا حصار في إسرائيل. فهناك جزء من هذه البلاد الصغيرة معرض يوميا للصواريخ التي تنهال عليه من قطاع غزة مع ما ينجم عن ذلك من آثار نفسية عميقة.
صحيح ان غزة أصغر بكثير من إسرائيل لكن لها حدود مشتركة مع مصر التي لا تعتبر مجرد دولة عربية بل انها تعتبر أم العرب والمدافعة المناصرة بقوة للقضايا الفلسطينية.
أما إسرائيل فإنها لا تشترك في حدودها مع مثل هذه الدولة بل إنها غير مرحب بها في مصر والأردن اللذين ترتبط معهما بمعاهدتين للسلام، وخاصة في مصر حيث لا نسمع سوى عبارات الكراهية ضد إسرائيل وشعبها.
صحيح ان الحدود بين غزة ومصر شبه مغلقة غير ان هذا الأمر سيتغير حتما وذلك عندما يتوقف حكام غزة عن استخدام الحدود المفتوحة لتهريب السلاح والصواريخ من أجل استخدامها في الحرب ضد الدولة اليهودية.
أما الإسرائيليون فإنهم لا يملكون أي فرصة لرفع الحصار المضروب على بلادهم.. بل إنهم سيظلون يقابلون بالرفض والكراهية كلما تجاوزوا الحدود وذهبوا إلى بلدان أخرى وفي مقدمتها مصر والأردن.
إن الشعور بالحصار لا يتفاقم فقط جراء الحدود المغلقة بل إنه يتعمق أكثر بسبب وجود الإسرائيليين إلى جوار مناطق فلسطينية معادية لهم. تظل المستوطنات اليهودية المزروعة بين المناطق الآهلة بالسكان الفلسطينيين تمثل واحدا من أهم أسباب الكراهية والتشاؤم وانسداد الأفق، فهذه المناطق المأهولة بالفلسطينيين مغلقة في وجه اليهود رغم أنها قريبة جدا من منازل أغلب اليهود. لذلك فإذا ما اختطف إسرائيلي هناك فإنه لن يجد أي حماية لحقوقه من القانون الدولي، كما أن أفراد أسرته وأقرباءه وأصدقاءه لن يعرفوا أي شيء عن مصيره. إن منظمات حقوق الإنسان لم تهتم بمعاناتنا عندما كان كل الإسرائيليين يتساءلون عما إذا كان الجنديان المحتجزان في لبنان ايداد رجيف وأودي جولدواسير سيعودان لنا حيين أم ميتين. إن هذا أيضا جزء من الحصار المضروب على دولة إسرائيل.
هناك أيضا عدة أوجه أخرى من الأزمة الإنسانية التي تتخبط فيها إسرائيل. إن حملة الكراهية غير المسبوقة ضد إسرائيل واليهود في العالم قد بلغت ذروتها حتى غدت تضاهي تلك الدعاية النازية المعادية لليهود قبيل المحرقة.. بل إن بعض الأكاديميين اليهود والإسرائيليين يسهمون في هذه الحملة.
صحيح انه يجب على إسرائيل أن تتصرف بديمقراطية ليبرالية ولا تقارن نفسها بالأنظمة العربية وتبادر بالتالي إلى إجراء تحقيق رسمي حول جرائم الحرب المزعومة في غزة، غير أن ذلك لن يقلل في شيء من حجم الأزمة الإنسانية التي نعانيها.