توقعات المخابرات الخاطئة عن غزة
منتديات كنوز :: منتديات عامة :: فلسطين
صفحة 1 من اصل 1
توقعات المخابرات الخاطئة عن غزة
في الأسبوع الماضي كنت أفتش بين دفاتري القديمة فوقعت يداي على تقرير استخباراتي يعود إلى شهر ابريل 1987 عنوانه "قطاع غزة سنة 2000" وقد أعدته الإدارة المدنية أي الحكومة العسكرية الإسرائيلية قبل بضعة أشهر فقط من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
لقد تم توزيع تلك الوثيقة الاستخباراتية السرية على كبار القادة الأمنيين الإسرائيليين وهو يتضمن 200 صفحة ويرسم صورة لحاضر قطاع غزة وما سيكون عليه مستقبلا. لعل ما يلفت النظر أن ذلك التقرير توقع اندماجا شاملا لقطاع غزة في صلب دولة إسرائيل.
إن قراءة هذا التقرير الذي يعود إلى اثنين وعشرين عاما إلى الوراء أشبه بالرحلة في عمق التاريخ القديم. يكشف التقرير أيضا عن الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها إسرائيل، وهي أخطاء قديمة قدم الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة على مدى 41 سنة.
في سنة 1987 كان سكان القطاع في حدود 633600 نسمة غير أن هذا العدد بات يتجاوز الآن مليونا ونصف مليون نسمة. أما التقرير الاستخباراتي المذكور فقد اعتبر أن عدد سكان غزة لن يتجاوز مليون نسمة بحلول سنة 2000 كحد أقصى. في الحقيقة لقد بلغ سكان غزة مليونا ومائة واثنين وثلاثين ألف نسمة بحلول سنة 2002، الأمر الذي أبطل كل التوقعات والحسابات الإسرائيلية. لقد توقع التقرير أيضا أن ينخفض معدل خصوبة المرأة الفلسطينية من 6،6 إلى 8،5 بحلول سنة 2000 غير أنه ظل في حدود 55،6 علما بأن التوقعات الإسرائيلية تتوقع أن ينخفض معدل خصوبة المرأة الفلسطينية إلى 19،5 سنة .2008 لقد تطرق التقرير فعلا إلى الحديث عن تنامي قوة التيارات الإسلامية السياسية الأصولية غير أنه اعتبر انه رغم أن الإسلاميين ينادون بتدمير إسرائيل فأنهم يركزون بالدرجة الأولى في كسب عقول وقلوب مجتمعاتهم.
في تلك الحقبة كنت أعمل مراسلا صحفيا مكلفا تغطية الشئون الفلسطينية، والتقيت الحاكم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة. لقد ذكر لي أن إسرائيل ليست لها أي مشكلة مع الإسلاميين لأنهم لا يقومون بأي أعمال تخريبية أو يمارسون أي عنف. بل إن الحكومة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة كانت تدعم ظهور التيارات الإسلامية الراديكالية كي تنشئ توازنا مع منظمة التحرير الفلسطينية خلال الثمانينيات كدأب إسرائيل في انتهاج سياسة فرق تسد.
لعل أهم ما ورد في ذلك التقرير الفصل الذي تحدث بإسهاب عن الاتجاهات الاجتماعية في قطاع غزة، فقد توقع مؤلفو التقرير وهم من أبرز الخبراء الاستراتيجيين أن تتسارع وتيرة اندماج قطاع غزة اجتماعيا وسياسيا مع دولة إسرائيل إضافة إلى ازدياد التبعية المتبادلة بين قطاع غزة وإسرائيل. توقع التقرير أن يحصل موظفو غزة على وظائف رفيعة في إسرائيل كما أن سكان غزة سيقلدون أسلوب العيش في داخل إسرائيل نفسها.
بعد أشهر قليلة من صدور ذلك التقرير ثار الفلسطينيون في غزة ضد الاحتلال الإسرائيلي وظلوا على مدى العقدين الماضيين يقاتلون من أجل نيل استقلالهم ليسفهوا بذلك كل التقارير الإسرائيلية.
إن الفلسطينيين في غزة وعلى غرار اخوتهم وأبناء عمومتهم في الضفة الغربية جديرون بنيل الاستقلال السياسي، فلا يمكن لغزة ببساطة أن تظل تعيش هكذا تحت وطأة العزلة السياسية والاقتصادية. ذلك ما أظهره التقرير الإسرائيلي المذكور الذي يعود إلى أكثر من 22 سنة. إن هذا التقرير يؤكد أن غزة لن يكون لها أي مستقبل أو كيان حقيقي في ظل العزلة. في الثمانينيات لم يكن هناك أي جدار عازل بين إسرائيل وقطاع غزة بل إنه لم تكن توجد أي متاريس على الطرق أو نقاط للتفتيش عند مداخل القطاع، أما اليوم فقد بات من الصعب تخيل وجود حدود مفتوحة بين إسرائيل وغزة. لن تعود إسرائيل ثانية في المستقبل المنظور كي تشكل شريان الحياة لغزة كما أن مصر الجارة الجنوبية لن تكون كذلك، فكل من إسرائيل ومصر لا تريان في غزة سوى بؤرة للمشاكل.
إن الأمل الوحيد الذي يبقى لقطاع غزة إنما يتمثل في ربطه بالضفة الغربية. بعبارة أخرى الأمل الوحيد هو حل الدولتين.
بقلم: أوري نير
لقد تم توزيع تلك الوثيقة الاستخباراتية السرية على كبار القادة الأمنيين الإسرائيليين وهو يتضمن 200 صفحة ويرسم صورة لحاضر قطاع غزة وما سيكون عليه مستقبلا. لعل ما يلفت النظر أن ذلك التقرير توقع اندماجا شاملا لقطاع غزة في صلب دولة إسرائيل.
إن قراءة هذا التقرير الذي يعود إلى اثنين وعشرين عاما إلى الوراء أشبه بالرحلة في عمق التاريخ القديم. يكشف التقرير أيضا عن الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها إسرائيل، وهي أخطاء قديمة قدم الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة على مدى 41 سنة.
في سنة 1987 كان سكان القطاع في حدود 633600 نسمة غير أن هذا العدد بات يتجاوز الآن مليونا ونصف مليون نسمة. أما التقرير الاستخباراتي المذكور فقد اعتبر أن عدد سكان غزة لن يتجاوز مليون نسمة بحلول سنة 2000 كحد أقصى. في الحقيقة لقد بلغ سكان غزة مليونا ومائة واثنين وثلاثين ألف نسمة بحلول سنة 2002، الأمر الذي أبطل كل التوقعات والحسابات الإسرائيلية. لقد توقع التقرير أيضا أن ينخفض معدل خصوبة المرأة الفلسطينية من 6،6 إلى 8،5 بحلول سنة 2000 غير أنه ظل في حدود 55،6 علما بأن التوقعات الإسرائيلية تتوقع أن ينخفض معدل خصوبة المرأة الفلسطينية إلى 19،5 سنة .2008 لقد تطرق التقرير فعلا إلى الحديث عن تنامي قوة التيارات الإسلامية السياسية الأصولية غير أنه اعتبر انه رغم أن الإسلاميين ينادون بتدمير إسرائيل فأنهم يركزون بالدرجة الأولى في كسب عقول وقلوب مجتمعاتهم.
في تلك الحقبة كنت أعمل مراسلا صحفيا مكلفا تغطية الشئون الفلسطينية، والتقيت الحاكم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة. لقد ذكر لي أن إسرائيل ليست لها أي مشكلة مع الإسلاميين لأنهم لا يقومون بأي أعمال تخريبية أو يمارسون أي عنف. بل إن الحكومة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة كانت تدعم ظهور التيارات الإسلامية الراديكالية كي تنشئ توازنا مع منظمة التحرير الفلسطينية خلال الثمانينيات كدأب إسرائيل في انتهاج سياسة فرق تسد.
لعل أهم ما ورد في ذلك التقرير الفصل الذي تحدث بإسهاب عن الاتجاهات الاجتماعية في قطاع غزة، فقد توقع مؤلفو التقرير وهم من أبرز الخبراء الاستراتيجيين أن تتسارع وتيرة اندماج قطاع غزة اجتماعيا وسياسيا مع دولة إسرائيل إضافة إلى ازدياد التبعية المتبادلة بين قطاع غزة وإسرائيل. توقع التقرير أن يحصل موظفو غزة على وظائف رفيعة في إسرائيل كما أن سكان غزة سيقلدون أسلوب العيش في داخل إسرائيل نفسها.
بعد أشهر قليلة من صدور ذلك التقرير ثار الفلسطينيون في غزة ضد الاحتلال الإسرائيلي وظلوا على مدى العقدين الماضيين يقاتلون من أجل نيل استقلالهم ليسفهوا بذلك كل التقارير الإسرائيلية.
إن الفلسطينيين في غزة وعلى غرار اخوتهم وأبناء عمومتهم في الضفة الغربية جديرون بنيل الاستقلال السياسي، فلا يمكن لغزة ببساطة أن تظل تعيش هكذا تحت وطأة العزلة السياسية والاقتصادية. ذلك ما أظهره التقرير الإسرائيلي المذكور الذي يعود إلى أكثر من 22 سنة. إن هذا التقرير يؤكد أن غزة لن يكون لها أي مستقبل أو كيان حقيقي في ظل العزلة. في الثمانينيات لم يكن هناك أي جدار عازل بين إسرائيل وقطاع غزة بل إنه لم تكن توجد أي متاريس على الطرق أو نقاط للتفتيش عند مداخل القطاع، أما اليوم فقد بات من الصعب تخيل وجود حدود مفتوحة بين إسرائيل وغزة. لن تعود إسرائيل ثانية في المستقبل المنظور كي تشكل شريان الحياة لغزة كما أن مصر الجارة الجنوبية لن تكون كذلك، فكل من إسرائيل ومصر لا تريان في غزة سوى بؤرة للمشاكل.
إن الأمل الوحيد الذي يبقى لقطاع غزة إنما يتمثل في ربطه بالضفة الغربية. بعبارة أخرى الأمل الوحيد هو حل الدولتين.
بقلم: أوري نير
khawla1- Admin
- عدد المساهمات : 1586
تاريخ التسجيل : 06/01/2009
العمر : 29
منتديات كنوز :: منتديات عامة :: فلسطين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى