مقال من غزة : برشلونة .. فريق المتعة والبطولات

برشلونة .. فريق المتعة والبطولات

بقلم : عاهد عوني فروانة

غزة - فلسطين



حينما تولى بيب جوارديولا مسئولية تدريب فريق برشلونة، سألني احد أصدقائي من مشجعي ريال مدريد: ماذا تتوقع أن يكون موسم البرشا ؟ فقلت له بأنني اعتقد بان هذا الموسم سيكون فقيرا لنا من حيث البطولات وسيكون بروفة لإعداد الفريق للمواسم القادمة .

وقد بنيت توقعي هذا - وأظن أن الكثيرين من مشجعي برشلونة كان عندهم نفس التوقع - على عدة عوامل منها حداثة تجربة جوارديولا في التدريب فهو ما زال صغيرا السن ولم يتولى تدريب أي فريق سوى فريق الرديف التابع للبرشا أي بمعنى آخر انعدام الخبرة التدريبية له فهو حتى لم يدرب أي فريق أول حتى لنادي متواضع فما بالك أن يتولى تدريب البرشا والذي يعد من أعظم فرق العالم ، إضافة الى ذلك الموسم الماضي المخيب لآمال جماهير البرشا والذي لم يستطع خلاله الفوز بأي بطولة وخرج من المنافسة على بطولة الدوري إضافة إلى احتلاله المركز الرابع في الدوري مما جعله يخوض المنافسات التمهيدية لبطولة إبطال أوروبا ، وعلاوة على ذلك أن الصفقات التي جلبتها إدارة برشلونة لم تكن توحي بالأهمية الكبيرة حيث جلبت لاعبين معظمهم مغمورين مثل المدافعين جيرارد بيكيه وكاسيريس ولاعبي الوسط سيدو كيتا وهليب والوحيد الذي كان مميزا هو الظهير الأيمن دانيال الفيس مع تصعيد عدد من اللاعبين الناشئين من فريق الرديف الذي كان يدربه جوارديولا، إضافة إلى ذلك أن لاعبي برشلونة النجوم الذين أحضرهم في الموسم الذي سبق لم يظهروا بالصورة المطلوبة مثل تيري هنري ويايا توريه وابيدال وغيرهم ، ورحيل النجوم الكبار وعلى رأسهم رونالدينهو وديكو وزامبروتا واخرون .

أمام كل ما سبق فتوقعت أن يكون هذا الموسم بمثابة البداية لبناء فريق جديد للبرشا دون المنافسة على البطولات، وقد زادت قناعتي بذلك مع اول مباراة لعبها برشلونة في الدوري الاسباني حيث خسر بهدف مقابل للا شيء أمام فريق نومانثيا الصاعد حديثا للدوري الممتاز، وقلت بان البرشا لم يستطع الفوز على فريق صاعد فكيف سيعمل أمام الفرق الكبيرة .

ولكن بعد ذلك حدثت الانتفاضة الكبرى وبدا مهرجان الإمتاع الكروي ورأينا في المباراة التالية فريقا متماسكا من الناحية الدفاعية ومسيطرا في خط الوسط وضاربا في خط الهجوم، وتأكد ذلك مباراة تلو مباراة فإذا قلنا بان هذه المباراة قد لا تمثل مقياس إلا أن البرشا يأتي في المباراة التالية ويقدم أداء أروع بونتائج كبيرة فشاهدنا مباريات تنتهي بتسجيل برشلونة لستة أهداف وأخرى بخمسة واربعة وهكذا وذلك من خلال توليفة رائعة من اللاعبين والذين امتزجت مهارتهم بالقوة البدنية واللياقة المرتفعة،وإذا بدأنا بمركز الحراسة فان فالديس رغم بدايته المتوسطة والانتقادات التي كانت توجه له على الدوام بسبب الأهداف السهلة التي كانت تدخل مرماه إلا انه لم يهتز وواصل حراسة مرمى البرشا وتألق مع ختام الموسم خاصة في آخر عشر مباريات للدوري وكذلك في دوري الأبطال وخاصة امام تشيلسي، وشاهدنا المدافع الشاب بيكيه يبدع سواء مع بويول (الجوكر والذي يستطيع ان يلعب في كل مراكز خط الدفاع ويتألق ) أو ماركيز صاحب التغطية الدفاعية والتامين والمراقبة الجيدة وأمتعنا الرائع الفيس ناحية اليمين من خلال انطلاقاته الصاروخية ورفعاته المتقنة وأهدافه الجميلة، وابيدال الذي يؤمن الجبهة اليسرى ، وإذا انتقلنا إلى الوسط نرى المهندس اكسافي أفضل لاعب في أمم أوروبا وهو بالفعل مهندس من خلال سيطرته الرائعة على الكرة وتمريراته المتقنة وقطعه الكرة من الخصم والى جواره اللاعب الصلب يايا توريه ملك التغطية الدفاعية وكذلك الشاب الرائع بسكويست والمتألق سيدو كيتا، وعندما نتحدث عن الجبهة الهجومية فإننا لا نستطيع أن نبدأ إلا بالحديث عن الرائع اندريس انييستا والذي اعتبره بحق أفضل لاعبي برشلونة وذلك لحفاظه على مستواه الرائع طوال الموسم، إضافة إلى المهارات التي يتمتع بها وخاصة تغيير اتجاهاته بصورة مفاجئة مما يربك الخصم وتمريراته الحاسمة وجهده الوفير وأهدافه المؤثرة خاصة هدفه التاريخي أمام تشيلسي ، ونأتي بعد ذلك للغزال تيري هنري والذي استطاع ان يقدم موسما رائعا عوضنا به عن موسمه الأول المخيب للآمال رغم انه كان يلعب في مركز الجناح الأيسر وهو بغلاصل مهاجم ، وكذلك الأسد الكاميروني صامويل ايتو والذي تجاوز مشاكله في بداية الموسم مع الإدارة والمدرب وانطلق بسرعة الصاروخ مسجلا عشرات الأهداف في كل المسابقات وأغلاها بالطبع هدفه في نهائي إبطال أوروبا أمام مانشيستر يونايتد، ونصل في الحديث للجوهرة الثمينة والماسة الناصعة وصانع المتعة للمبدع الرائع ليونيل ميسي والذي استطاع ان يواصل إبداعاته ويطور مهاراته بما يفيد الفريق ككل ولنا في هدفه أمام مانشيستر يونايتد في نهائي إبطال اوروربا اكبر دليل على تطوير مهاراته فمن المعروف عن ميسي انه لا يحرز أهداف كثيرة برأسه نظرا لقصر قامته ولكنه في النهائي قام بقفزة عالية واستطاع الوصول للكرة ووضعها في الزاوية الصعبة لحارس المرمى محرزا هدفا أسطوريا مؤمنا به فوز البرشا .

و لا ننسى بالطبع اللاعبين الآخرين مثل الحارس بينتو وكاسيريس وسيلفينهو وهليب وجوديونسون وبويان وغيرهم من اللاعبين وخاصة الشباب مثل بيدرو وزملائه.

هذه التوليفة الرائعة من اللاعبين والذين يقودهم المبدع بيب جوارديولا استطاعت ان تصنع المتعة والأداء الراقي والأهداف الغزيرة مع الحفاظ على الجانب الدفاعي والتوازن ، وتحققت المعادلة الصعبة والتي تتمثل في الأداء الممتع وتحقيق النتائج والفوز بالبطولات، فكثيرا ما يقال أن الفريق الذي يقدم عروض رائعة لا يحقق البطولات لان البطولات تحتاج الأداء التكتيكي والتوازن بين الدفاع والهجوم وغيرها ، ولكن برشلونة اثبت عكس هذه النظرية فقدم أروع أداء وحقق جميع البطولات التي شارك فيها ولا اذكر أن فريقا في العالم حقق مثل ذلك وهي الفوز في جميع البطولات مع الأداء الرائع والممتع والرشيق ، وإذا أخذنا مانشيستر يونايتد كمثال حينما حقق الثلاثية في عام 1999م فانه لم يقدم الأداء المقنع بل استطاع الفوز بهذه البطولات من خلال الأداء التكتيكي والالتزام الدفاعي حتى انه لم يستطع الفوز بدوري الإبطال حينها إلا في آخر دقيقتين من المباراة أمام بايرن ميونيخ والذي كان متقدما وكان الطرف الأفضل في المباراة.

لذا فانه يحق لنا الفخر بأننا مشجعين لهذا الفريق الكتالوني العظيم والذي أمتعنا طوال الموسم وأسعدنا من خلال بطولاته التي تحققت ، ونأمل أن يواصل برشلونة على هذا المنوال في المواسم القادمة ولكن ذلك يحتاج إلى تدعيم الفريق بعدد من اللاعبين في بعض المراكز وخاصة في مركز حراسة المرمى لان البرشا فريق كبير ويحتاج إلى حارس كبير كذلك في مركز الظهير الأيسر لان ابيدال جيد من الناحية الدفاعية فقط ويحتاج أيضا إلى بديل ونحتاج إلى ظهير أيمن بديل لالفيس في حالة إيقافه أو إرهاقه ،وكذلك لاعب جناح أيسر لأننا لا نملك أي لاعب أساسي في هذه الجهة سوى هنري والذي ليس مركزه وفي بعض الأحيان انييستا ، وكذلك بحاجة إلى مهاجم صريح حتى يعاون صامويل ايتو ، من خلال كل ذلك يستطيع البرشا أن يحافظ على بطولاته والى موسم استثنائي آخر وبطولات جديدة بإذن الله تعالى .



انتهى ،،