لحبّ والشيطان
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
لحبّ والشيطان
لحبّ والشيطان
إنَّ أسبَابَ وُقُوع الفَتَاةُ في شِبَاكِ الهَوَى كَثيرَةٌ وقَد أجْمَلْتُ سَابِقًا و سَأَكْتَفِي بِذِكْرِ الأَهَم ِ كَمَا يَبْدُو لِي بِشَيءٍ من التوسُّعِ. [ سأكتفي بواحدة في هذا المقال ]
أ- الشيطان: هَذَا العَدُو الخَطِيرُ لاَ يَهدَأُ لَهُ بَالٌ حَتَّى يُوقِعَكَ فِي الضَّلاَلِ وقَدْ اقْسَمَ اللَّعِينُ بِعِزَّةِ اللَهِ تَعَالَى لِتَحقِيقَ هَذَا الهَدَفِ فَقَالَ:
) قَاَل فَبِعِزَّتِكَ لأَغْوِيَنَّهُمُ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عَبَادَكَ مِنْهُمْ المُخْلَصِينَ([1]. فَهُوَ خَبِيرٌ بِنَفسِكَ وَمَوَاطِنِ الضَّعْفِ فِيكِ ، لِهذَا يَلْجَأُ لِتَزْيِينِ الحَرَامِ لَكَ في صُورَةٍ جَذّابةٍ مُغْرِيةٍ " قال تعالى وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيـَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ([2] . فالشيطانُ ذَكِي مَاكِرٌ لا يَطْلُبُ مِنْْكَ فِي البِدَايَةِ الوُقُوعَ فِي الرَّذِيلةِ لكِنْ خُطْوَةٌ خُطوةٌ ، فكُلَّمَا نَزَلْتَ دَرَجةً في السُلَّمِ اسْتدْرَجَكَ للْدَّرَجَةِ التاليةِ حتَّى تَقَعَ وَتَغَرْقَ.قَالَ تَعَالَى : ) ياَ أَيُّهَا الذِينَ آَمَنُوا لاُ تُتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطَانِ وَمنْ يَتَّبِع خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ ()[3](. يقولُ لَكَ في البِدايةِ اكْتَفِي بِعلاَقَتِكِ مع صَاحِبِكِ على التَعَاوُنِ والحُبِّ العَفِيفِ دُونَ خُلْوَةٍ أو الخُرُوجِ معه أوْ لَمْسٍ أو غَمْزٍ! قصْدَ تَعَارُفٍ يَكونُ ثمرَةً لِزواجٍ شرعِي!! و صَدَقَ شَوْقِي )[4]( لماقَالَ :
نـَظْـرَةٌٌ فَابْتِسَـامَـةٌ فَـسَلاَمٌ * فَـكَـلاَمٌ فَـمَوْعِـدٌ فَـلِـقَـا ءٌ
ولِتَزْدَادَ اقْتِنَاعًا لاَ بَأسَ أنْ أُطِيلَ عِنْدَ هَذَا السَبَبِ لأَقُصَّ عليكَ بالمعنَى هذِهِ القِصَّة المُشَوِّقَةُ التِّي يَذكُرُهَا مُفَسِّرُونَ عندَ تفسِيرِهِمْ لِهذهِ الآيَةِ الواردة في سورة الحشر[5] .)كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ أَكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ(16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدِينَ فيِهَا(.
يُرْوَى أَنَّ عَابدًا مِنْ بني إسْرَائِيل يُقَالُ له بَرْصِيصَا كان يَعبُدُ اللهَ فِي صَومَعَتِهِ عَبَادَةً أَغَاضَتْ إِبْليِسَ (صلاة، صيام، ذكر...) فعَمَدَ هَذَا الأَخير إِلى فِتْنَة ِالمَرْأَةِ ، إِذْ كَثيرًا مَا أوْقَعَ الشَّيْطَانُ العِبَادَ فِي غَضَبِ اللهِ عَنْ طَرِيقِ النِّسَاءِ ـ خُصُوصًا المُتَبَرِّجَاتِ المُتَزَيِّنَاتِ ـ فَيُرْوَى أنَّ أَرْبَعَةَ اخْوَةٍ أرَادُوا الجِهَادَ وَلَمْ يَجِدُوا مَكَانًا آَمِنًا يَتْرُكُونَ فِيهِ أُخْتَهُم الوَحيدَةُ إِلاَّ بِبَيْتٍ بِجَانِبِ صَومَعَةَ رَاهِبٍ يُسَمَّى برصيصا، أوْصَوْهُ بِهَا خَيرًا رَيثَمَا يَرجِعُونَ من الجِهَادِ، وكاَنَ الرَّاهِبِ يَضَعُ لَهَا الطَعَامَ أَمَامَ البَابِ دُونَ كَلاَمٍ ،فَقَالَ لَهُ الشَّيطَانُ هَلاَّ أَعلَمتَهَا بَدل أنْ تَتْرُكَ الطَعَامَ هكَذا فَقَد يَأْكُلُهُ حَيوَانٌ.فَصَاَر يَدُّقُ البَابَ عِنْدمَا يَضَعَهُ، ثُمَّ تَطَوَّرَ الأَمْرَ وَصَارَ يُنَادِيها ثُمَّ يُكَلِّمَهَا مِنْ وَرَاءِ البَابِ وحِينَمَا يَجْلِسُ أَمَامَ صَومَعَتِهِ كاَنَ يَراهَا و يَلمَحُها وَرُويْدًا رُويدًا حتَّى اقْتَرَبَ منْهَا فَكَلَّمَهَا وَ ذكََّرَهَا،ثُمَّ ابْتَسَمَا فَتَلاَمَسَا فَوَقَعَا في الزِّنَا . حَمَلَت مِنْهُ وَلَمَّا وَضَعَتْ وَسْوَسَ لَهُ الشَّيْطَانُ وَحَذَّرَهُ منْ عَاقبَةِ جَريمَتِهِ إِذَا مَا اكْتَشَفَ إِخْوَتُهَا فِعْلَتَهُ الشَّنِيعة وتَسَاءَلَ النَّاسُ عَنْ هُوِيَةِ الوَلدِ ، فَأمَرَهُ بِقَتْلِ المَولُودِ فَقَتَلَهُ حتَّى لا يَكُونَ دَليلاً على انْحِرَافِهِ و خِيانتِهِ . وقال لهُ الشَّيْطانُ : "كَيْ تُخْفِي جَرِيمَتَكَ تَمَامًا لاَبُدَ منْ قَتلِ المَرأَة أَيضًا فَهِي أمٌّ ورُبّما سَتَبُوحُ بِسِرِّكَ يومًا لإِخْوَتِهَا فَاقْتُلْهَا ثمَّ أَدْفِنْهَا واخْبِرْ إِخْوَتَهَا بَعْدَ رُجُوعِهِمْ أَنَّهَا مَاتَتْ حَزَنًا عَلَيهِمْ!؟ وسَوفَ يُصَدِّقُونَكَ فَلاَ أَحَدْ يَشُكُّ فِيكَ فَأَنتَ أَعْبَدُ النَّاسِ !؟ ، وحِينَمَا نَفَّذَ جَريمَتَهُ النَّكْرَاء وبعدَمَا رَجَعَ الإخْوَةُ أَعْلَمَهُم بِأًنَّهَا قَدْ مَاتَتْ فَصَدَّقُوهُ وَتَرَحَمُوا على قَبرِها وَرَجَعُوا إلى بُيُوتِهِم . و في اللَّيْلِ وَهُمْ نِيَامٌ جَاءَهُم إِبلِيسُ في المَنَامِ وَأخْبَرَهُم بِمَا وَقَعَ بِالتَّفْصِيلِ. فَلَمَّا اسْتَيْقَظُوا وَقَصَّ كُلُّ واحِدٍ مِنهُم ما رَأَى، قَالوا لَقدْ رَأينَا نَفْسَ المَنَامِ فَلْنَذْهَبْ إلى القَبْرِ فَنَسْتَخْرِج جُثَّتَهَا وَحِينَئِذٍ يَتَّضِحُ الأَمْر. وَحِينَمَا اقْتَرَبُوا مِنَ الصَّومَعَةِ جاء إبْلِيسُ ِللْعَابِدِ وَقَالَ لَهُ : " أنا الذي أوْقَعْتُكَ فِي الزِّنَا وَ بَعْدَهَا في القَتْلِ ،ولَقَد أخْبَرْتُ اخْوَتَهَا بِما فَعَلْتَ وَهَاهُم مُقْبِلُونَ عَلَيكَ لِيَقْتُلُوكَ ، فَاشْتَدَّ خَوفُ الرَّاهِبِ وَسَأَلَهُ مَاذَا أَفعَلُ لِكَيْ أنْجُو مِنهُم ؟ قال: "عندِي حَلٌّ، قال :ومَا هو ؟ قال: تَسْجُدَ لِي سَجدَةٌ وَاحِدَةٌ وأنا أُنْجِيكَ مِنْهُم. بَعدَ تَرَدُّدٍ مَصْحُوبٍ بِخوْفٍ شَدِيدٍ مِنْ الموتِ خَضَعَ ذلك العَابِد المَفتُونُ لِشَرْطِ إبليسَ المَلعُونِ فَكَفَرَ بِهَذَا الفِعْلِ الشَّنِيعِ[ السجود لغير الله ]
ولم يُمهِلْهُ إخْوَتُها فََقَتَلُوهُ على الكُفْرِ فَمَاتَ مُشْرِكًا خَالدًا في النَّارِ أبَدًا قال تعالى : )إنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ()[6](. فانْظُرْ إلى الشَّيْطَان كَيفَ اسْتَدْرَجَ عَابدًا زَاهِدًا لاَ تَخْطُرْ بِبَالِهِ الشُبُهَاتُ وإِذَا بِهِ يقَعُ في أخْطَرِ المُحَرَّمَاتِ ،في رَذِيلَةٍ الزِّناَ ثُمَّ في القَتلِ ثُمَّ في الرِدَّةِ والخُلُودِ في الجَحِيمِ . فَمنْ سَرَقَ بَيضَةً سَيَسْرَقُ بَقَرَةً. ومَنْ وَقَعَ في المُشْتَبَهَاتِ فَسَوفَ يَقَعُ في الحَرَامِ كَمَا جاَءَ مُفَصَّلاً في حَدِيثِ الحَلاَلِ والحرَامِ المَشْهُور ) إنّ الحلالَ بَيِّنٌ وإِنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينَهُما أُمُورٌ مشْتَبَهاتٌ لاَ يَعْلَمَهُنَّ كَثِيرٌ من النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، و مَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حوْلَ الحِمَى..([7](.إِذْ كُلُّ مَا أَدَى إلى الحَرَامِ فهُو حَرَامٌ والنَّارُ تَبدَأُ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ، أو كما قال الشاعر :
كُلُّ الحَوَادِثِ مَبْدَأُهَا مِنْ النَّظَر ِ* وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ
والشَّيْطَانُ بِدَهَائِهِ وَخِبْرَتِهِ الطَويلَة فِي تَعَامِلِهِ مع النَّفْسِ البَشَرِيَةِ لاَ تَظُنُّ أنَّهُ سَيَقُولُ لَكَ أكْفُرْ أو ارْتَكِبْ الفَاحِشَةَ أو أُتْرُكْ الصَّلاَةَ أو.. إنَّمَا يَسْتَدْرِجَكَ على مَرَاحِلِ مِثْلَما فَعَلَ مع الرَّاهِبِ الذِي سَبَقَ الكَلاَمُ عَنْهُ فَانْتَبِهْ وَاحْذَرْ خُطُوَاتِـهِ المُغْرِية التِي حَذَّرَنَا اللهُ مِنْهَا فقال:
) يَاأَيُّهَا الذِيـنَ آَمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّـهُ يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَولاَ فَضْلُ اللهِ علَيكُمْ وَرَحْمَتُـهُ مَا زَكىَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلِكِنَّ اللهَ يُزَكِّـي مَنْ يَشَاءُ واللهَُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ([8] . فَيَقُولُ لَكَ هَذَا شَابٌ وَسِيمٌ وَ مُؤَدَّبٌ فَهَلاَّ تَعَرَّفْتِ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ خِلاَلِ إْقَامَة صَدَاقَةٍ بَرِيئَةٍ ؟! وَلِكَيْ تَنْشَأَ العَلاَقَةُ بيْنَكُما تَكَلَّمِي مَعَهُ كَيْ تَكْتَشِفِي بِنَفْسِكَ هَلْ هُوَ شَخْصِِيَةٌ مُتَّزِنَةٌ أَمْ شَابٌ طَائِشٌ ؟ !اسْتَلِفِي مِنْهُ كُرَّاسًا أَوْ كِتَابًا. ثُمَّ تَنَاقَشِي مَعَهُ فِي مَوَاِضيعٍ مُتَنَوعَةٍ!؟ وَهَكَذَا يَجُرُّكَ الشَّيْطَانُ بِدَهَاءٍ وَمَكْرٍ حَتَّى تَتَبَادَلاَ كَلِمَاتٍ لَيْسَتْ كَالكَلِمَاتِ !؟ ونَظَرَاتٍ أَبْلَغَ مِنْ العِبَارَاتِ!؟ وَتَتَطَوَّرُ الابْتِسَامَاتُ إلى ضَحَكَاتٍ بِنَغَمَاتٍ!؟ وهَكَذَا حتَّى يَتَحَولَ الإِعَجَابُ إِلى حُبٍّ ، وحِينَمَا يَقْوَى وَيَشْتَدُّ فََيَصِيرُ شَغَفًا)[9](يَصْرِفُكِ عَن غَايَةَ وُجُودِكَ وَعَنْ التَّرْكِيزِ في دِرَاسَتِكَ و بَقِيَة ُالقِصَّةِ مَعْرُوفَةٌ . فانْتَبِهِي يَا بُنَيَتِي الآَنَ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَانِ . فَدِينُنَا حِينَما يُحَرِّمُ عَنَّا شَيْئًا يَمْنَعُ عَنَّا مَا يُؤَدِّي إلَيهِ قالَ تَعَالى وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاَ.()[10](
إنَّ أسبَابَ وُقُوع الفَتَاةُ في شِبَاكِ الهَوَى كَثيرَةٌ وقَد أجْمَلْتُ سَابِقًا و سَأَكْتَفِي بِذِكْرِ الأَهَم ِ كَمَا يَبْدُو لِي بِشَيءٍ من التوسُّعِ. [ سأكتفي بواحدة في هذا المقال ]
أ- الشيطان: هَذَا العَدُو الخَطِيرُ لاَ يَهدَأُ لَهُ بَالٌ حَتَّى يُوقِعَكَ فِي الضَّلاَلِ وقَدْ اقْسَمَ اللَّعِينُ بِعِزَّةِ اللَهِ تَعَالَى لِتَحقِيقَ هَذَا الهَدَفِ فَقَالَ:
) قَاَل فَبِعِزَّتِكَ لأَغْوِيَنَّهُمُ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عَبَادَكَ مِنْهُمْ المُخْلَصِينَ([1]. فَهُوَ خَبِيرٌ بِنَفسِكَ وَمَوَاطِنِ الضَّعْفِ فِيكِ ، لِهذَا يَلْجَأُ لِتَزْيِينِ الحَرَامِ لَكَ في صُورَةٍ جَذّابةٍ مُغْرِيةٍ " قال تعالى وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيـَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ([2] . فالشيطانُ ذَكِي مَاكِرٌ لا يَطْلُبُ مِنْْكَ فِي البِدَايَةِ الوُقُوعَ فِي الرَّذِيلةِ لكِنْ خُطْوَةٌ خُطوةٌ ، فكُلَّمَا نَزَلْتَ دَرَجةً في السُلَّمِ اسْتدْرَجَكَ للْدَّرَجَةِ التاليةِ حتَّى تَقَعَ وَتَغَرْقَ.قَالَ تَعَالَى : ) ياَ أَيُّهَا الذِينَ آَمَنُوا لاُ تُتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطَانِ وَمنْ يَتَّبِع خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ ()[3](. يقولُ لَكَ في البِدايةِ اكْتَفِي بِعلاَقَتِكِ مع صَاحِبِكِ على التَعَاوُنِ والحُبِّ العَفِيفِ دُونَ خُلْوَةٍ أو الخُرُوجِ معه أوْ لَمْسٍ أو غَمْزٍ! قصْدَ تَعَارُفٍ يَكونُ ثمرَةً لِزواجٍ شرعِي!! و صَدَقَ شَوْقِي )[4]( لماقَالَ :
نـَظْـرَةٌٌ فَابْتِسَـامَـةٌ فَـسَلاَمٌ * فَـكَـلاَمٌ فَـمَوْعِـدٌ فَـلِـقَـا ءٌ
ولِتَزْدَادَ اقْتِنَاعًا لاَ بَأسَ أنْ أُطِيلَ عِنْدَ هَذَا السَبَبِ لأَقُصَّ عليكَ بالمعنَى هذِهِ القِصَّة المُشَوِّقَةُ التِّي يَذكُرُهَا مُفَسِّرُونَ عندَ تفسِيرِهِمْ لِهذهِ الآيَةِ الواردة في سورة الحشر[5] .)كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ أَكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ(16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدِينَ فيِهَا(.
يُرْوَى أَنَّ عَابدًا مِنْ بني إسْرَائِيل يُقَالُ له بَرْصِيصَا كان يَعبُدُ اللهَ فِي صَومَعَتِهِ عَبَادَةً أَغَاضَتْ إِبْليِسَ (صلاة، صيام، ذكر...) فعَمَدَ هَذَا الأَخير إِلى فِتْنَة ِالمَرْأَةِ ، إِذْ كَثيرًا مَا أوْقَعَ الشَّيْطَانُ العِبَادَ فِي غَضَبِ اللهِ عَنْ طَرِيقِ النِّسَاءِ ـ خُصُوصًا المُتَبَرِّجَاتِ المُتَزَيِّنَاتِ ـ فَيُرْوَى أنَّ أَرْبَعَةَ اخْوَةٍ أرَادُوا الجِهَادَ وَلَمْ يَجِدُوا مَكَانًا آَمِنًا يَتْرُكُونَ فِيهِ أُخْتَهُم الوَحيدَةُ إِلاَّ بِبَيْتٍ بِجَانِبِ صَومَعَةَ رَاهِبٍ يُسَمَّى برصيصا، أوْصَوْهُ بِهَا خَيرًا رَيثَمَا يَرجِعُونَ من الجِهَادِ، وكاَنَ الرَّاهِبِ يَضَعُ لَهَا الطَعَامَ أَمَامَ البَابِ دُونَ كَلاَمٍ ،فَقَالَ لَهُ الشَّيطَانُ هَلاَّ أَعلَمتَهَا بَدل أنْ تَتْرُكَ الطَعَامَ هكَذا فَقَد يَأْكُلُهُ حَيوَانٌ.فَصَاَر يَدُّقُ البَابَ عِنْدمَا يَضَعَهُ، ثُمَّ تَطَوَّرَ الأَمْرَ وَصَارَ يُنَادِيها ثُمَّ يُكَلِّمَهَا مِنْ وَرَاءِ البَابِ وحِينَمَا يَجْلِسُ أَمَامَ صَومَعَتِهِ كاَنَ يَراهَا و يَلمَحُها وَرُويْدًا رُويدًا حتَّى اقْتَرَبَ منْهَا فَكَلَّمَهَا وَ ذكََّرَهَا،ثُمَّ ابْتَسَمَا فَتَلاَمَسَا فَوَقَعَا في الزِّنَا . حَمَلَت مِنْهُ وَلَمَّا وَضَعَتْ وَسْوَسَ لَهُ الشَّيْطَانُ وَحَذَّرَهُ منْ عَاقبَةِ جَريمَتِهِ إِذَا مَا اكْتَشَفَ إِخْوَتُهَا فِعْلَتَهُ الشَّنِيعة وتَسَاءَلَ النَّاسُ عَنْ هُوِيَةِ الوَلدِ ، فَأمَرَهُ بِقَتْلِ المَولُودِ فَقَتَلَهُ حتَّى لا يَكُونَ دَليلاً على انْحِرَافِهِ و خِيانتِهِ . وقال لهُ الشَّيْطانُ : "كَيْ تُخْفِي جَرِيمَتَكَ تَمَامًا لاَبُدَ منْ قَتلِ المَرأَة أَيضًا فَهِي أمٌّ ورُبّما سَتَبُوحُ بِسِرِّكَ يومًا لإِخْوَتِهَا فَاقْتُلْهَا ثمَّ أَدْفِنْهَا واخْبِرْ إِخْوَتَهَا بَعْدَ رُجُوعِهِمْ أَنَّهَا مَاتَتْ حَزَنًا عَلَيهِمْ!؟ وسَوفَ يُصَدِّقُونَكَ فَلاَ أَحَدْ يَشُكُّ فِيكَ فَأَنتَ أَعْبَدُ النَّاسِ !؟ ، وحِينَمَا نَفَّذَ جَريمَتَهُ النَّكْرَاء وبعدَمَا رَجَعَ الإخْوَةُ أَعْلَمَهُم بِأًنَّهَا قَدْ مَاتَتْ فَصَدَّقُوهُ وَتَرَحَمُوا على قَبرِها وَرَجَعُوا إلى بُيُوتِهِم . و في اللَّيْلِ وَهُمْ نِيَامٌ جَاءَهُم إِبلِيسُ في المَنَامِ وَأخْبَرَهُم بِمَا وَقَعَ بِالتَّفْصِيلِ. فَلَمَّا اسْتَيْقَظُوا وَقَصَّ كُلُّ واحِدٍ مِنهُم ما رَأَى، قَالوا لَقدْ رَأينَا نَفْسَ المَنَامِ فَلْنَذْهَبْ إلى القَبْرِ فَنَسْتَخْرِج جُثَّتَهَا وَحِينَئِذٍ يَتَّضِحُ الأَمْر. وَحِينَمَا اقْتَرَبُوا مِنَ الصَّومَعَةِ جاء إبْلِيسُ ِللْعَابِدِ وَقَالَ لَهُ : " أنا الذي أوْقَعْتُكَ فِي الزِّنَا وَ بَعْدَهَا في القَتْلِ ،ولَقَد أخْبَرْتُ اخْوَتَهَا بِما فَعَلْتَ وَهَاهُم مُقْبِلُونَ عَلَيكَ لِيَقْتُلُوكَ ، فَاشْتَدَّ خَوفُ الرَّاهِبِ وَسَأَلَهُ مَاذَا أَفعَلُ لِكَيْ أنْجُو مِنهُم ؟ قال: "عندِي حَلٌّ، قال :ومَا هو ؟ قال: تَسْجُدَ لِي سَجدَةٌ وَاحِدَةٌ وأنا أُنْجِيكَ مِنْهُم. بَعدَ تَرَدُّدٍ مَصْحُوبٍ بِخوْفٍ شَدِيدٍ مِنْ الموتِ خَضَعَ ذلك العَابِد المَفتُونُ لِشَرْطِ إبليسَ المَلعُونِ فَكَفَرَ بِهَذَا الفِعْلِ الشَّنِيعِ[ السجود لغير الله ]
ولم يُمهِلْهُ إخْوَتُها فََقَتَلُوهُ على الكُفْرِ فَمَاتَ مُشْرِكًا خَالدًا في النَّارِ أبَدًا قال تعالى : )إنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ()[6](. فانْظُرْ إلى الشَّيْطَان كَيفَ اسْتَدْرَجَ عَابدًا زَاهِدًا لاَ تَخْطُرْ بِبَالِهِ الشُبُهَاتُ وإِذَا بِهِ يقَعُ في أخْطَرِ المُحَرَّمَاتِ ،في رَذِيلَةٍ الزِّناَ ثُمَّ في القَتلِ ثُمَّ في الرِدَّةِ والخُلُودِ في الجَحِيمِ . فَمنْ سَرَقَ بَيضَةً سَيَسْرَقُ بَقَرَةً. ومَنْ وَقَعَ في المُشْتَبَهَاتِ فَسَوفَ يَقَعُ في الحَرَامِ كَمَا جاَءَ مُفَصَّلاً في حَدِيثِ الحَلاَلِ والحرَامِ المَشْهُور ) إنّ الحلالَ بَيِّنٌ وإِنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينَهُما أُمُورٌ مشْتَبَهاتٌ لاَ يَعْلَمَهُنَّ كَثِيرٌ من النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، و مَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حوْلَ الحِمَى..([7](.إِذْ كُلُّ مَا أَدَى إلى الحَرَامِ فهُو حَرَامٌ والنَّارُ تَبدَأُ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ، أو كما قال الشاعر :
كُلُّ الحَوَادِثِ مَبْدَأُهَا مِنْ النَّظَر ِ* وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ
والشَّيْطَانُ بِدَهَائِهِ وَخِبْرَتِهِ الطَويلَة فِي تَعَامِلِهِ مع النَّفْسِ البَشَرِيَةِ لاَ تَظُنُّ أنَّهُ سَيَقُولُ لَكَ أكْفُرْ أو ارْتَكِبْ الفَاحِشَةَ أو أُتْرُكْ الصَّلاَةَ أو.. إنَّمَا يَسْتَدْرِجَكَ على مَرَاحِلِ مِثْلَما فَعَلَ مع الرَّاهِبِ الذِي سَبَقَ الكَلاَمُ عَنْهُ فَانْتَبِهْ وَاحْذَرْ خُطُوَاتِـهِ المُغْرِية التِي حَذَّرَنَا اللهُ مِنْهَا فقال:
) يَاأَيُّهَا الذِيـنَ آَمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّـهُ يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَولاَ فَضْلُ اللهِ علَيكُمْ وَرَحْمَتُـهُ مَا زَكىَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلِكِنَّ اللهَ يُزَكِّـي مَنْ يَشَاءُ واللهَُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ([8] . فَيَقُولُ لَكَ هَذَا شَابٌ وَسِيمٌ وَ مُؤَدَّبٌ فَهَلاَّ تَعَرَّفْتِ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ خِلاَلِ إْقَامَة صَدَاقَةٍ بَرِيئَةٍ ؟! وَلِكَيْ تَنْشَأَ العَلاَقَةُ بيْنَكُما تَكَلَّمِي مَعَهُ كَيْ تَكْتَشِفِي بِنَفْسِكَ هَلْ هُوَ شَخْصِِيَةٌ مُتَّزِنَةٌ أَمْ شَابٌ طَائِشٌ ؟ !اسْتَلِفِي مِنْهُ كُرَّاسًا أَوْ كِتَابًا. ثُمَّ تَنَاقَشِي مَعَهُ فِي مَوَاِضيعٍ مُتَنَوعَةٍ!؟ وَهَكَذَا يَجُرُّكَ الشَّيْطَانُ بِدَهَاءٍ وَمَكْرٍ حَتَّى تَتَبَادَلاَ كَلِمَاتٍ لَيْسَتْ كَالكَلِمَاتِ !؟ ونَظَرَاتٍ أَبْلَغَ مِنْ العِبَارَاتِ!؟ وَتَتَطَوَّرُ الابْتِسَامَاتُ إلى ضَحَكَاتٍ بِنَغَمَاتٍ!؟ وهَكَذَا حتَّى يَتَحَولَ الإِعَجَابُ إِلى حُبٍّ ، وحِينَمَا يَقْوَى وَيَشْتَدُّ فََيَصِيرُ شَغَفًا)[9](يَصْرِفُكِ عَن غَايَةَ وُجُودِكَ وَعَنْ التَّرْكِيزِ في دِرَاسَتِكَ و بَقِيَة ُالقِصَّةِ مَعْرُوفَةٌ . فانْتَبِهِي يَا بُنَيَتِي الآَنَ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَانِ . فَدِينُنَا حِينَما يُحَرِّمُ عَنَّا شَيْئًا يَمْنَعُ عَنَّا مَا يُؤَدِّي إلَيهِ قالَ تَعَالى وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاَ.()[10](
elhamdani_2009- عدد المساهمات : 52
تاريخ التسجيل : 18/05/2009
العمر : 30
الموقع : RISSANI
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى