الحركة والسكون في الكون/3/
صفحة 1 من اصل 1
الحركة والسكون في الكون/3/
أنتَ الموجود في الجسم A ليس لديكَ من سبب يدعوكَ إلى أن تسأل عن “سرعتكَ”، فكل ما لديكَ إنَّما يؤكِّد لكَ أنَّك في جسم ساكن لا يتحرَّك من مكانه، فـ “السكون” إنَّما هو، أيضاً، “حركة الجسم في الفضاء بسرعة ثابتة منتظَمة وفي خطٍّ مستقيم”.
يُمْكِنُكَ أن تسأل: هل الجسم B الذي أمامكَ يتحرَّك أم ساكِن مثل الجسم A الذي أنتَ فيه؟ لِنَفْتَرِض أنَّ المسافة الفضائية بينكما 1000 متر. إذا رأيْتَ أنَّ هذه المسافة تتَّسِع أو تتقلَّص فإنَّ لديكَ، عندئذٍ، كل الحق في أن تجيب قائلاً: إنَّ الجسم B يتحرَّك في الفضاء، فحركته (بالنسبة إلى الجسم A الساكن، أي الذي يتحرَّك في الفضاء بسرعة ثابتة منتظَمة مقدارها 100م/ث وفي خطٍّ مستقيم) إنَّما تعني أن “يبتعد عنكَ”، فتتَّسِع المسافة الفضائية (1000 متر) بينكما، أو “يَقْتَرِب منكَ”، فتتقلَّص تلك المسافة.
أنتَ الذي في الجسم A سترى أنَّ الجسم B يتحرَّك مُبْتَعِداً عنكَ (إلى الأمام) في استمرار، وأنَّ المسافة الفضائية بينكما (1000 متر) تزداد (بسبب هذا الابتعاد) 50 متراً في كل ثانية (150م/ث ـ 100م/ث = 50م/ث). بَعْدَ دقيقة واحدة تصبح تلك المسافة 4 آلاف متر، أي 4 كيلومتر، وبَعْد ساعة تصبح 181000 متر، أي 181 كيلومتر.
لقد رأيْتَ أنَّ المسافة الفضائية بينكما قد اتَّسعت، أي أنَّ الجسم B قد تحرَّكَ في الفضاء “مبتعداً عنكَ”. وعليه، يحقُّ لكَ أن تسألَ عن “سرعته”. إنَّ كل ما تَمْلِكَ من وسائل وأدوات وطرائق لقياس السرعة سيؤكِّد لكَ أنَّ سرعته 50م/ث (150م/ث ـ 100م/ث = 50م/ث).
لقد حدَّدَتَ سرعته “بالنسبة إلى” الجسم A الذي تُوْجَد فيه. أمَّا أنا الموجود في الجسم B فسوف أرى أنَّ الجسم A هو الذي يتحرَّك مُبْتَعِداً عنِّي (إلى الوراء) بسرعة 50م/ث.
وكلانا يحقُّ له، أيضاً، أن يسأل عن سرعته (النسبية) هو ما دامت المسافة الفضائية بيننا تتغيَّر، زيادةً أو نقصاناً، فـ “سرعتكَ النسبية” أنتَ، أي “بالنسبة إلى” الجسم B، هي 50م/ث؛ و”سرعتي النسبية” أنا، أي “بالنسبة إلى” الجسم A، هي، أيضاً، 50م/ث.
كلانا يحقُّ له ذلك مع أنَّه متأكِّد تماماً أنَّه في جسم “ساكن”. أنتَ تبتعد عنَّي 50م/ث، وأنا أبتعد عنكَ 50م/ث. وهذا إنَّما يعني، في هذه الحال، أي في حال اتِّساع (أو تقلُّص) المسافة الفضائية بيني وبينكَ، أنْ لا الجسم A ولا الجسم B يُمْكِن النَظَر إليه على أنَّه في حالٍ من “السكون المُطْلَق”.
أمَّا إذا تحرَّكَ الجسم B على الخطِّ المستقيم ذاته؛ ولكن في اتِّجاه معاكِس للاتِّجاه الذي يتحرَّك فيه الجسم A فهذا إنَّما يعني أنَّ المسافة الفضائية بينهما (1000 متر) ستشرع تتقلَّص، فكلاهما يتحرَّك مُقْتَرِباً من الآخر بـ “سرعة نسبية” مقدارها 250م/ث (150م/ث + 100م/ث = 250م/ث). بَعْدَ 4 ثوانٍ يصبح كلاهما بجانب الآخر؛ ثمَّ تغدو تلك “السرعة النسبية (250م/ث)” سرعة ابتعاد لكليهما عن الآخر.
أنا متأكِّد تماماً أنَّني في جسم ساكن لا يتحرَّك في الفضاء؛ ذلكَ لأنَّه يسير بسرعة ثابتة منتظَمة وفي خطٍّ مستقيم. وأنتَ، أيضاً، متأكِّد تماماً أنَّكَ في جسم ساكن لا يتحرَّك في الفضاء.
أنا متأكِّد تماماً أنَّكَ في جسم يتحرَّك في الفضاء، مُقْتَرِباً منِّي، ثمَّ مبتعداً عنِّي، بعدما مرَّ بجانبي، بسرعة 250م/ث. وأنتَ متأكِّد تماماً أنَّني في جسم يتحرَّك في الفضاء، مُقْتَرِباً منكَ، ثمَّ مبتعداً عنكَ، بعدما مرَّ بجانبكَ، بسرعة 250م/ث.
لِنُغَيِّر الآن “المقادير”.. الجسم A سرعته 1000 كيلومتر في الثانية؛ والجسم B سرعته 279000 كيلومتر في الثانية. الجسمان يتحرَّكان على الخط المستقيم ذاته؛ ولكن في اتِّجاهين متعاكسين.
أنا الذي في الجسم الساكن B أقيس سرعة ابتعاد الجسم A عنِّي فأجدها 280000كم/ث (279000كم/ث + 1000كم/ث = 280000كم/ث).
وتأكيداً لصحَّة قياسي هذا، ها هو الجسم A يُريني (بحسب ما ذَكَرَ آينشتاين في هذا الصدد) من الظواهر ما يجب أن يَحْدُث عندما يسير جسم في الفضاء بسرعة 280000كم/ث، أي بسرعة تقارِب سرعة الضوء. إنَّني أرى في ذلك الجسم “تأخُّر ساعته”، وتقلُّص وانكماش طوله في اتِّجاه حركته، وتزايد كتلته.
عندما كان الجسم A بجانبي، قُمْتُ أنا وأنتَ بـ “تصفير” ساعتيْنا؛ ولكن ها هي ساعتكَ الآن تتأخَّر كثيراً عن ساعتي على ما أرى أنا. بَعْدَ دقيقة واحدة، بحسب ساعتي، تحرَّكت ساعتكَ، على ما أرى أنا، نصف دقيقة فقط، وبَعْدَ ساعة واحدة، بحسب ساعتي، تحرَّكت ساعتكَ، على ما أرى أنا، نصف ساعة فقط، وبَعْدَ 24 ساعة، بحسب ساعتي، تحرَّكت ساعتكَ، على ما أرى أنا، 12 ساعة فقط، ..إلخ. إنَّ “نِسْبة” التأخُّر في ساعتكَ 50 في المئة. وكلَّما زادت “سرعتكَ النسبية” زادت “نِسْبة” التأخُّر في ساعتكَ.
ما أراه أنا في الجسم A تراه أنتَ في الجسم B فأنتَ ترى أنَّ ساعة الجسم B (الذي يسير مبتعداً عنكَ بسرعة 280000كم/ث بحسب قياسكَ لسرعته من مكانكَ) هي التي تتأخَّر كثيراً عن ساعتكَ، وأنَّ طوله قد تقلَّص وانكمش في اتِّجاه حركته.
لِنُغَيِّر “المقادير” ثانيةً.. الجسم A سرعته 100000كم/ث؛ والجسم B سرعته 279000كم/ث؛ وكلاهما يتحرَّك على الخطِّ المستقيم ذاته؛ ولكن في اتِّجاهين متعاكسين، فكم سرعة كلا الجسمين بالنسبة إلى الآخر؟ عملاً بقاعدة “جَمْع السرعات”، التي عَمِلْنا بها من قبل، نتوصَّل إلى الإجابة الآتية: “السرعة النسبية” لكليهما هي 379000كم/ث.
إنَّها إجابة ليست بالصحيحة فيزيائياً؛ فهذه السرعة تفوق سرعة الضوء (300000كم/ث) بمقدار 79000كم/ث؛ وليس من جسمٍ، أي ليس من مادة لها “كتلة”، يُمْكِنه أن يسير بسرعة تَعْدِل، أو تفوق، سرعة الضوء.
الإجابة الصحيحة فيزيائياً، والتي سأتوصَّل إليها أنا، كما ستتوصَّل إليها أنتَ، عند استعمالنا لكل ما لدينا من وسائل وأدوات وطرائق لقياس السرعة، إنَّما هي رَقَم يقلُّ، دائماً، عن الرقم 300000.
مع كل “تسارُعٍ” للجسم (أي للمادة التي لها كتلة) تزداد كتلته؛ ويُمْكِنه، نظرياً على الأقل، وبعد حين، أن يستوفي شروط تحوُّله إلى “ثقب أسود”.
لِنَفْتَرِض أنَّ جسماً كتلته تفوق كتلة الشمس 3 مرَّات مثلاً، وأنَّه يسير في خطٍّ مستقيم بسرعة ثابتة منتظَمة مقدارها 1000كم/ث، وأنَّ جسماً آخر يسير على الخط ذاته؛ ولكن في اتِّجاه معاكِس، وأنَّ سرعته الثابتة المنتظَمة تبلغ 298 ألف كم/ث. في هذه الحال، كم “السرعة النسبية” للجسم الأوَّل؟ إنَّ سرعته بالنسبة إلى الجسم الثاني تبلغ 299 ألف كم/ث (298 ألف كم/ث + 1000كم/ث = 299 ألف كم/ث).
لو كانت تلك “السرعة النسبية” للجسم الأوَّل تؤثِّر فيه فيزيائياً لَمَا تمكَّن المراقِب الموجود في الجسم الثاني من رؤية الجسم الأوَّل لكونه قد تحوَّل إلى “ثقب أسود”، فهذا الجسم، أي الجسم الأوَّل، لا يُمْكِنه أن يسير بسرعة مقدارها 299 ألف كم/ث من غير أن يتحوَّل إلى “ثقب أسود”.
إنَّ لكل جسم، أو لكل “مادة لها كتلة”، “سرعة قصوى”، هي السرعة التي بوصوله إليها يستوفي شروط تحوُّله إلى “ثقب أسود”. ولكنَّ الجسم الأوَّل، الذي بلغت سرعته بالنسبة إلى الجسم الثاني 299 ألف كم/ث، يظلُّ مُرْسِلاً للضوء على ما يرى المراقب في الجسم الثاني.
الآن، تخيَّل أنْ ليس في الكون من جسمٍ سوى الجسم A الذي تُوْجَدُ أنتَ فيه. إذا كان هذا الجسم ساكناً لا يتحرَّك في الفضاء، أو إذا كان يتحرَّك في الفضاء في خطٍّ مستقيم وفي سرعة ثابتة منتظَمة مهما كان مقدارها، فإنَّ كل ما لديكَ من نتائج بحث واختبار سيؤكِّد لكَ أنَّكَ في جسم ساكن لا يتحرَّك في الفضاء؛ فليس في الفضاء من جسم آخر (مَرْجِع أو مرجعية) ترى أنَّكَ “تبتعد عنه”، أو “تقترِب منه”، وتقيس، بالتالي، سرعتكَ “بالنسبة إليه”.
إنَّ سرعة الجسم الذي أنتَ فيه لا يُمْكِنُكَ أبداً قياسها إلاَّ “نِسْبَةً إلى جسم آخر، تَبْتَعِد عنه، أو تَقْتَرِب منه”، فَنِسْبَةً إلى شجرة (أي جسم ساكِن) على الطريق تقيسُ سرعة سيَّارتكَ، في ابتعادها عن تلك الشجرة، أو في اقترابها منها. ونِسْبَة إلى سيَّارة تسير وراء سيَّارتكَ تقيسُ سرعة سيَّارتكَ. ونِسْبَةً إلى سيَّارة تسير في اتِّجاه معاكِس للاتِّجاه الذي تسير فيه سيَّارتكَ تقيسُ سرعة سيَّارتكَ. إنَّ “الشجرة”، أو إحدى السيَّارتين، هي “المَرْجِع (أو المَرْجعية)” الذي نِسْبَةً إليه تقيس سرعة سيَّارتكَ. وسرعة سيَّارتكَ تكون صفراً إذا ما ظلَّت المسافة بينها وبين “المَرْجِع” على حالها، أي بلا زيادة ولا نقصان.
وتسمَّى “المَرْجعية” بـ “مَرْجعية غاليلية” إذا كان السَيْر في الفضاء بسرعة ثابتة منتظَمة، وفي خطٍّ مستقيم. و”السرعة الثابتة المنتظَمة” إنَّما تعني أن ينطلق جسم بسرعة معيَّنة، وأن يظلَّ متحرِّكاً بالسرعة نفسها.
وفي الكون، ليس من “مَرْجعية واحِدة (مشتَرَكة)”، نقيس بالنسبة إليها سرعات الأجسام جميعاً. ولغياب “المَرْجعية المشترَكة” تصبح سرعة كل جسم “سرعة نسبية”، أي تُقاس نِسْبَةً إلى هذه “المَرْجعية” أو تلك، أي نِسْبَةً إلى هذا الجسم (أو الشيء) أو ذاك.
يُمْكِنُكَ أن تسأل: هل الجسم B الذي أمامكَ يتحرَّك أم ساكِن مثل الجسم A الذي أنتَ فيه؟ لِنَفْتَرِض أنَّ المسافة الفضائية بينكما 1000 متر. إذا رأيْتَ أنَّ هذه المسافة تتَّسِع أو تتقلَّص فإنَّ لديكَ، عندئذٍ، كل الحق في أن تجيب قائلاً: إنَّ الجسم B يتحرَّك في الفضاء، فحركته (بالنسبة إلى الجسم A الساكن، أي الذي يتحرَّك في الفضاء بسرعة ثابتة منتظَمة مقدارها 100م/ث وفي خطٍّ مستقيم) إنَّما تعني أن “يبتعد عنكَ”، فتتَّسِع المسافة الفضائية (1000 متر) بينكما، أو “يَقْتَرِب منكَ”، فتتقلَّص تلك المسافة.
أنتَ الذي في الجسم A سترى أنَّ الجسم B يتحرَّك مُبْتَعِداً عنكَ (إلى الأمام) في استمرار، وأنَّ المسافة الفضائية بينكما (1000 متر) تزداد (بسبب هذا الابتعاد) 50 متراً في كل ثانية (150م/ث ـ 100م/ث = 50م/ث). بَعْدَ دقيقة واحدة تصبح تلك المسافة 4 آلاف متر، أي 4 كيلومتر، وبَعْد ساعة تصبح 181000 متر، أي 181 كيلومتر.
لقد رأيْتَ أنَّ المسافة الفضائية بينكما قد اتَّسعت، أي أنَّ الجسم B قد تحرَّكَ في الفضاء “مبتعداً عنكَ”. وعليه، يحقُّ لكَ أن تسألَ عن “سرعته”. إنَّ كل ما تَمْلِكَ من وسائل وأدوات وطرائق لقياس السرعة سيؤكِّد لكَ أنَّ سرعته 50م/ث (150م/ث ـ 100م/ث = 50م/ث).
لقد حدَّدَتَ سرعته “بالنسبة إلى” الجسم A الذي تُوْجَد فيه. أمَّا أنا الموجود في الجسم B فسوف أرى أنَّ الجسم A هو الذي يتحرَّك مُبْتَعِداً عنِّي (إلى الوراء) بسرعة 50م/ث.
وكلانا يحقُّ له، أيضاً، أن يسأل عن سرعته (النسبية) هو ما دامت المسافة الفضائية بيننا تتغيَّر، زيادةً أو نقصاناً، فـ “سرعتكَ النسبية” أنتَ، أي “بالنسبة إلى” الجسم B، هي 50م/ث؛ و”سرعتي النسبية” أنا، أي “بالنسبة إلى” الجسم A، هي، أيضاً، 50م/ث.
كلانا يحقُّ له ذلك مع أنَّه متأكِّد تماماً أنَّه في جسم “ساكن”. أنتَ تبتعد عنَّي 50م/ث، وأنا أبتعد عنكَ 50م/ث. وهذا إنَّما يعني، في هذه الحال، أي في حال اتِّساع (أو تقلُّص) المسافة الفضائية بيني وبينكَ، أنْ لا الجسم A ولا الجسم B يُمْكِن النَظَر إليه على أنَّه في حالٍ من “السكون المُطْلَق”.
أمَّا إذا تحرَّكَ الجسم B على الخطِّ المستقيم ذاته؛ ولكن في اتِّجاه معاكِس للاتِّجاه الذي يتحرَّك فيه الجسم A فهذا إنَّما يعني أنَّ المسافة الفضائية بينهما (1000 متر) ستشرع تتقلَّص، فكلاهما يتحرَّك مُقْتَرِباً من الآخر بـ “سرعة نسبية” مقدارها 250م/ث (150م/ث + 100م/ث = 250م/ث). بَعْدَ 4 ثوانٍ يصبح كلاهما بجانب الآخر؛ ثمَّ تغدو تلك “السرعة النسبية (250م/ث)” سرعة ابتعاد لكليهما عن الآخر.
أنا متأكِّد تماماً أنَّني في جسم ساكن لا يتحرَّك في الفضاء؛ ذلكَ لأنَّه يسير بسرعة ثابتة منتظَمة وفي خطٍّ مستقيم. وأنتَ، أيضاً، متأكِّد تماماً أنَّكَ في جسم ساكن لا يتحرَّك في الفضاء.
أنا متأكِّد تماماً أنَّكَ في جسم يتحرَّك في الفضاء، مُقْتَرِباً منِّي، ثمَّ مبتعداً عنِّي، بعدما مرَّ بجانبي، بسرعة 250م/ث. وأنتَ متأكِّد تماماً أنَّني في جسم يتحرَّك في الفضاء، مُقْتَرِباً منكَ، ثمَّ مبتعداً عنكَ، بعدما مرَّ بجانبكَ، بسرعة 250م/ث.
لِنُغَيِّر الآن “المقادير”.. الجسم A سرعته 1000 كيلومتر في الثانية؛ والجسم B سرعته 279000 كيلومتر في الثانية. الجسمان يتحرَّكان على الخط المستقيم ذاته؛ ولكن في اتِّجاهين متعاكسين.
أنا الذي في الجسم الساكن B أقيس سرعة ابتعاد الجسم A عنِّي فأجدها 280000كم/ث (279000كم/ث + 1000كم/ث = 280000كم/ث).
وتأكيداً لصحَّة قياسي هذا، ها هو الجسم A يُريني (بحسب ما ذَكَرَ آينشتاين في هذا الصدد) من الظواهر ما يجب أن يَحْدُث عندما يسير جسم في الفضاء بسرعة 280000كم/ث، أي بسرعة تقارِب سرعة الضوء. إنَّني أرى في ذلك الجسم “تأخُّر ساعته”، وتقلُّص وانكماش طوله في اتِّجاه حركته، وتزايد كتلته.
عندما كان الجسم A بجانبي، قُمْتُ أنا وأنتَ بـ “تصفير” ساعتيْنا؛ ولكن ها هي ساعتكَ الآن تتأخَّر كثيراً عن ساعتي على ما أرى أنا. بَعْدَ دقيقة واحدة، بحسب ساعتي، تحرَّكت ساعتكَ، على ما أرى أنا، نصف دقيقة فقط، وبَعْدَ ساعة واحدة، بحسب ساعتي، تحرَّكت ساعتكَ، على ما أرى أنا، نصف ساعة فقط، وبَعْدَ 24 ساعة، بحسب ساعتي، تحرَّكت ساعتكَ، على ما أرى أنا، 12 ساعة فقط، ..إلخ. إنَّ “نِسْبة” التأخُّر في ساعتكَ 50 في المئة. وكلَّما زادت “سرعتكَ النسبية” زادت “نِسْبة” التأخُّر في ساعتكَ.
ما أراه أنا في الجسم A تراه أنتَ في الجسم B فأنتَ ترى أنَّ ساعة الجسم B (الذي يسير مبتعداً عنكَ بسرعة 280000كم/ث بحسب قياسكَ لسرعته من مكانكَ) هي التي تتأخَّر كثيراً عن ساعتكَ، وأنَّ طوله قد تقلَّص وانكمش في اتِّجاه حركته.
لِنُغَيِّر “المقادير” ثانيةً.. الجسم A سرعته 100000كم/ث؛ والجسم B سرعته 279000كم/ث؛ وكلاهما يتحرَّك على الخطِّ المستقيم ذاته؛ ولكن في اتِّجاهين متعاكسين، فكم سرعة كلا الجسمين بالنسبة إلى الآخر؟ عملاً بقاعدة “جَمْع السرعات”، التي عَمِلْنا بها من قبل، نتوصَّل إلى الإجابة الآتية: “السرعة النسبية” لكليهما هي 379000كم/ث.
إنَّها إجابة ليست بالصحيحة فيزيائياً؛ فهذه السرعة تفوق سرعة الضوء (300000كم/ث) بمقدار 79000كم/ث؛ وليس من جسمٍ، أي ليس من مادة لها “كتلة”، يُمْكِنه أن يسير بسرعة تَعْدِل، أو تفوق، سرعة الضوء.
الإجابة الصحيحة فيزيائياً، والتي سأتوصَّل إليها أنا، كما ستتوصَّل إليها أنتَ، عند استعمالنا لكل ما لدينا من وسائل وأدوات وطرائق لقياس السرعة، إنَّما هي رَقَم يقلُّ، دائماً، عن الرقم 300000.
مع كل “تسارُعٍ” للجسم (أي للمادة التي لها كتلة) تزداد كتلته؛ ويُمْكِنه، نظرياً على الأقل، وبعد حين، أن يستوفي شروط تحوُّله إلى “ثقب أسود”.
لِنَفْتَرِض أنَّ جسماً كتلته تفوق كتلة الشمس 3 مرَّات مثلاً، وأنَّه يسير في خطٍّ مستقيم بسرعة ثابتة منتظَمة مقدارها 1000كم/ث، وأنَّ جسماً آخر يسير على الخط ذاته؛ ولكن في اتِّجاه معاكِس، وأنَّ سرعته الثابتة المنتظَمة تبلغ 298 ألف كم/ث. في هذه الحال، كم “السرعة النسبية” للجسم الأوَّل؟ إنَّ سرعته بالنسبة إلى الجسم الثاني تبلغ 299 ألف كم/ث (298 ألف كم/ث + 1000كم/ث = 299 ألف كم/ث).
لو كانت تلك “السرعة النسبية” للجسم الأوَّل تؤثِّر فيه فيزيائياً لَمَا تمكَّن المراقِب الموجود في الجسم الثاني من رؤية الجسم الأوَّل لكونه قد تحوَّل إلى “ثقب أسود”، فهذا الجسم، أي الجسم الأوَّل، لا يُمْكِنه أن يسير بسرعة مقدارها 299 ألف كم/ث من غير أن يتحوَّل إلى “ثقب أسود”.
إنَّ لكل جسم، أو لكل “مادة لها كتلة”، “سرعة قصوى”، هي السرعة التي بوصوله إليها يستوفي شروط تحوُّله إلى “ثقب أسود”. ولكنَّ الجسم الأوَّل، الذي بلغت سرعته بالنسبة إلى الجسم الثاني 299 ألف كم/ث، يظلُّ مُرْسِلاً للضوء على ما يرى المراقب في الجسم الثاني.
الآن، تخيَّل أنْ ليس في الكون من جسمٍ سوى الجسم A الذي تُوْجَدُ أنتَ فيه. إذا كان هذا الجسم ساكناً لا يتحرَّك في الفضاء، أو إذا كان يتحرَّك في الفضاء في خطٍّ مستقيم وفي سرعة ثابتة منتظَمة مهما كان مقدارها، فإنَّ كل ما لديكَ من نتائج بحث واختبار سيؤكِّد لكَ أنَّكَ في جسم ساكن لا يتحرَّك في الفضاء؛ فليس في الفضاء من جسم آخر (مَرْجِع أو مرجعية) ترى أنَّكَ “تبتعد عنه”، أو “تقترِب منه”، وتقيس، بالتالي، سرعتكَ “بالنسبة إليه”.
إنَّ سرعة الجسم الذي أنتَ فيه لا يُمْكِنُكَ أبداً قياسها إلاَّ “نِسْبَةً إلى جسم آخر، تَبْتَعِد عنه، أو تَقْتَرِب منه”، فَنِسْبَةً إلى شجرة (أي جسم ساكِن) على الطريق تقيسُ سرعة سيَّارتكَ، في ابتعادها عن تلك الشجرة، أو في اقترابها منها. ونِسْبَة إلى سيَّارة تسير وراء سيَّارتكَ تقيسُ سرعة سيَّارتكَ. ونِسْبَةً إلى سيَّارة تسير في اتِّجاه معاكِس للاتِّجاه الذي تسير فيه سيَّارتكَ تقيسُ سرعة سيَّارتكَ. إنَّ “الشجرة”، أو إحدى السيَّارتين، هي “المَرْجِع (أو المَرْجعية)” الذي نِسْبَةً إليه تقيس سرعة سيَّارتكَ. وسرعة سيَّارتكَ تكون صفراً إذا ما ظلَّت المسافة بينها وبين “المَرْجِع” على حالها، أي بلا زيادة ولا نقصان.
وتسمَّى “المَرْجعية” بـ “مَرْجعية غاليلية” إذا كان السَيْر في الفضاء بسرعة ثابتة منتظَمة، وفي خطٍّ مستقيم. و”السرعة الثابتة المنتظَمة” إنَّما تعني أن ينطلق جسم بسرعة معيَّنة، وأن يظلَّ متحرِّكاً بالسرعة نفسها.
وفي الكون، ليس من “مَرْجعية واحِدة (مشتَرَكة)”، نقيس بالنسبة إليها سرعات الأجسام جميعاً. ولغياب “المَرْجعية المشترَكة” تصبح سرعة كل جسم “سرعة نسبية”، أي تُقاس نِسْبَةً إلى هذه “المَرْجعية” أو تلك، أي نِسْبَةً إلى هذا الجسم (أو الشيء) أو ذاك.
مواضيع مماثلة
» الحركة والسكون في الكون/1/
» الحركة والسكون في الكون/2/
» الحركة والسكون في الكون/4/
» الحركة والسكون في الكون/5/
» الحركة والسكون في الكون/6/
» الحركة والسكون في الكون/2/
» الحركة والسكون في الكون/4/
» الحركة والسكون في الكون/5/
» الحركة والسكون في الكون/6/
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى