الحركة والسكون في الكون/8/
صفحة 1 من اصل 1
الحركة والسكون في الكون/8/
الخطُّ الدائري” إنَّما يتكوَّن من عَدَدٍ كبير من “الخطوط المستقيمة”؛ وليس من “خطٍّ مستقيم” يُمْكِن وَصْفه بأنَّه “مستقيم استقامة مُطْلَقَة خالصة”؛ ذلكَ لأنَّ الخط الأكثر استقامة، أو السطح الأكثر استواءً، يظلُّ، في واقعه الموضوعي، منطوياً، أو مشتملاً، على شيء من الانحناء.
إذا سِرْتَ على سطح الأرض في موازاة “خطِّ الاستواء” فإنَّكَ لا تستطيع أن تسير في “خطٍّ مستقيم” من غير أن تسير، في الوقت نفسه، في “خطٍّ دائري”. ومع ذلك، تستطيع، في أثناء سيركَ هذا والمتناقِض هندسياً، أن تنعطف إلى اليمين، أو إلى اليسار، وأن تتفرَّع، في سيركَ، من نقطة ما من نقاط الخطِّ المستقيم الذي تسير فيه لتسير في خطٍّ دائري، حتى تعود إلى النقطة التي منها تفرَّع سيركَ.
وكلَّما اتَّسَعَت الدائرة (أو اتَّسَع محيطها) قلَّ “انحناء” الخطِّ وزادت “استقامته”؛ وكلَّما صَغُرَت زاد “انحناء” الخطِّ وقلَّت “استقامته”.
في الفضاء، أين يستطيع الجسم الذي يسير بسرعة ثابتة منتظَمة أنْ يسير في “خطٍّ مستقيم”، مستوفياً، بالتالي، شروط النَظَر إليه على أنَّه في حالٍ من “السكون”؟ إجابةً نقول: يستطيع ذلك، على وجه الخصوص، حيث يُمْكِن النَظَر إلى “الحيِّز الفضائي” الذي يسير فيه هذا الجسم على أنَّه خالٍ، أو يكاد يخلو، من “الكُتَل الضخمة”، ككُتَل النجوم والمجرَّات..
هنا، أي في مثل هذا “الحيِّز الفضائي”، يَظْهَر “السطح الفضائي” الذي يسير عليه الجسم على أنَّه “مستوٍ”، أو في “منتهى الاستواء”، فالفضاء ينحني ويتقوَّس ويتحدَّب حَوْل “الكُتَل الضخمة”.
على أنَّ هذا “الحيِّز الفضائي”، أو “السطح الفضائي”، لا وجود له، ولا يُمْكنه أن يُوْجَد، إلاَّ إذا كان متَّحِداً اتِّحاداً لا انفصام فيه مع “كتلة كونية ما”. وهنا ينبغي لنا ألاَّ ننسى أنَّ الفضاء كله ينحني ويتقوَّس ويتحدَّب حَوْل “كتلة الكون”.
وعليه، يُمْكِن ويجب أن ننظر إلى الفضاء الكوني برمَّته على أنَّه “المنحني الذي يتفاوت مَوْضِعياً في شدَّة انحنائه”، ففي هذا “المنحني الفضائي الكوني” نرى هذا الجزء أكثر انحناءً من ذاك، وأقل انحناء من ذلك. إنَّ الفضاء حَوْل الكرة الأرضية، على سبيل المثال، أكثر انحناءً من الفضاء حَوْل القمر، وأقل انحناءً من الفضاء حَوْل الشمس.
وليس من كتلة، ولو كانت في منتهى الضآلة، لا ينحني الفضاء من حَوْلها ويتقوَّس ويتحدَّب.. حتى “الإلكترون”، مثلاً، ينحني حَوْله الفضاء انحناءً يتناسب مع كتلته.
والفضاء ينحني، أيضاً، حيث تتجمَّع وتتركَّز “الطاقة”، فليس من فَرْق، في هذه الناحية، بين “الكتلة” و”الطاقة”.
والفضاء ينحني، ويشتد انحناءً، حَوْل “الجسم المتسارِع”، ولو كان “مركبة فضائية”، فكلَّما زادت سرعة الجسم زادت كتلته، وزاد انحناء الفضاء حَوْله.
الجسم الذي يسير في الفضاء بسرعة ثابتة منتظَمة وفي خطٍّ مستقيم (أي الجسم الذي في حالٍ من السكون) إنَّما هو الجسم الذي فيه يتوازن تأثير قوى متناقضة. وهذا “التوازن”، الذي بفضله يَبْطُل تأثير تلك القوى، يُظْهِر لنا هذا الجسم على أنَّه غير متأثِّر بـ “قوَّة ما”، أو بـ “قوى ما”.
وعليه، نقول إنَّ “القصور الذاتي” لهذا الجسم “غير مُسْتَفَز”؛ لأنْ ليس من “قوَّة” تؤثِّر في هذا الجسم بما يجعل سرعته تزيد، أو تنقص، أو بما يُخْرِجُهُ عن الاستقامة في خطِّ سيره.
إنَّ “قصوره الذاتي” يُسْتَفَز”، و”يثور”، و”ينتفض”، إذا ما أثَّرت فيه، أي في هذا الجسم، “قوَّة ما”.
في الفضاء، ليس من قوى وعوامل تكبح حركة الجسم، وتقلَّل سرعته، كتلك التي تكبح حركة كرة على سطح طاولة (الاحتكاك، والهواء). ولكن الفضاء لا يخلو مِمَّا يسبِّب كبح حركة الأجسام فيه، كحركة الكرة الأرضية حَوْل نفسها، وحَوْل الشمس. ومن هذه “الكوابح الفضائية” الرواسب الكونية كالنيازك والشهب.
تخيَّل جسماً يسير في “حيِّز فضائي”، أو على “سطح فضائي”، لا يتأثَّر فيه بـ “الجاذبية”. الآن، سَرِّع هذا الجسم، أي اجْعَله “يتسارَع”، أي زِدْ سرعته، وهو يسير في خطٍّ مستقيم (أُفُقي).
ما أن يشرع “يتسارَع” حتى يََظْهَر فيه تأثير “قوَّة مضادة تعمل في اتِّجاه معاكِس”. لو كان هذا الجسم مركبة فضائية، وكنتَ مسافِراً على متنها، لَشَعَرْتَ أنَّ “قوَّة” قد شدَّتكَ إلى الوراء ما أن شرعت مركبتكَ “تتسارَع” في سيرها إلى الأمام. ويكفي أن تشدكَ تلك “القوَّة” حتى يَكْتَسِب جسمكَ “وزناً”، وكأنَّكَ أصبحت خاضعاً لتأثير “جاذبية”، مع أنَّكَ تسير ومركبتكَ في “حيِّز فضائي” لا وجود فيه لـ “الجاذبية”.
“القوَّة” التي شدَّتكَ (أو سَحَبَتْكَ) إلى الوراء تَظْهَر لنا، في تأثيرها، على أنَّها “قوَّة كابحة للتسارُع”؛ وهذا “الشد” نراه مُقْتَرِناً بظاهرة “تقلُّص وانكماش طول المركبة في الاتِّجاه الذي تتحرَّك فيه”.
و”الدفع إلى الأمام” نراه إذا ما شرعت سرعة المركبة تتضاءل؛ ونرى “الدفع إلى اليسار” إذا ما انعطفت المركبة إلى اليمين، ونراه “إلى اليمين” إذا ما انعطفت إلى اليسار.
في هذا المثال، نرى “القصور الذاتي” للجسم، أو المركبة، وقد “انتفض” أربع مرَّات: عند التسارُع، وعند التباطؤ؛ عند الانعطاف إلى اليمين، وعند الانعطاف إلى اليسار. “انتفاضة القصور الذاتي” تَشُدُّ الجسم في عكس اتِّجاه حركته، فينشأ عن ذلك الشعور بالجاذبية.
ومع كل “انتفاضة” تتحوَّل “الساعة (في الجسم أو المركبة)” من “حال السكون” إلى “حال الحركة”، فـ “يتمدَّد (أو يتقلَّص) الزمان”.
و”الساعة المتحرِّكة” نراها في جسم تسارَع ويتسارَع، أو في جسم يدور في الفضاء حَوْل جسم آخر أعظم منه كتلةً، كدوران الأرض حَوْل الشمس. ونحن نَعْلَم أنَّ هذا الجسم (أي الجسم الذي يدور حَوْل جسم آخر أعظم منه كتلةً) يَخْضَع لتأثير “قوَّة” تسمَّى “القوَّة الطاردة المركزية”.
والجسم يكفي أن “يتسارَع” حتى “تتأخَّر الساعة” فيه، أي “يتمدَّد (أو يبطؤ) الزمان” الخاص به، وتزداد كتلته، ويتقلَّص طوله في اتِّجاه حركته، ويزداد انحناء وتقوُّس وتحدُّب الفضاء حَوْله، وتَعْظُم جاذبيته، وتُخْتَصر المسافة الفضائية بينه وبين “الموضع” الذي يتحرَّك نحوه.
“تسارُعه” إنَّما يعني ازدياد “طاقته”، فـ “كتلته”؛ وبسبب “التسارُع” مع ما يتمخَّض عنه من نتائج فيزيائية قد يتحوَّل هذا الجسم، في آخر المطاف، إلى “ثقب أسود”.
أُنْظُر الآن إلى حركة كرة على سطح الأرض. إنَّها تتحرَّك وتنتقل وتسير ليس على النحو الذي “تُريد”، أو “ترغب فيه”، فهي في “الشكل الهندسي” لسيرها “مُكْرهة”، “مجبرة”.
إنَّها تسير في خطٍّ مستقيم إذا كان السطح الذي تسير عليه مستوياً، فإذا بلغت منحدَراً انحدرت في سيرها، أي هبطت من علو إلى أسفل، وإذا بلغت مرتفعاً ارتفعت في سيرها، أي صعدت من أسفل إلى علو، وإذا وقعت في أُخْدود دائري سارت فيه في خطٍّ دائري. إنَّها لا تغيِّر، وليس في مقدورها أن تغيِّر، الشكل الهندسي للطريق التي تسير فيها؛ فهذه الطريق هي التي تُقرِّر لها، وتُحدِّد، كيف تسير.
الكرة تسير على سطح طاولة في خطٍّ مستقيم؛ لأنَّ هذا السطح مستوٍ، فلو انحنى وتقوَّس لاضطَّرت إلى أن تسير في خطٍّ منحنٍ.
وسير جسم في الفضاء إنَّما يشبه سير الكرة على سطح طاولة مستوٍ، أو منحنٍ، فوجود كتلة ضخمة (في الفضاء) ككتلة الشمس يجعل الفضاء الذي حَوْلها على هيئة “سطح كروي”، يُكْرِه “الكُرات” الصغيرة (الكتلة والحجم) على أن تنحني في خطِّ سيرها بما يوافِق انحناؤه هو.
وعلى هذا النحو، ولهذا السبب، تدور الكواكب حَوْل الشمس. إنَّ كل كوكب يسير على أحد السطوح الفضائية الكروية للشمس، ففي الكون نرى الكُتَل الصغيرة تدور حَوْل الكُتَل الكبيرة.
و”تحدُّب” الفضاء حَوْل كتلة الشمس الضخمة هو ما يُفسِّر دوران الأرض وسائر الكواكب الشمسية حَوْل تلك الكتلة، فكوكب الأرض لا يدور حَوْل الشمس لأنَّ الشمس تشده إليها وترغمه على الدوران حَوْلها.
إنَّ تحدُّب الفضاء حَوْل الكتلة الشمسية هو الذي يرغمه على الدوران حَوْلها. وكل “مدار” يدور فيه أحد الكواكب إنَّما يشبه أُخدوداً دائرياً محفوراً في الفضاء المحيط بالشمس.
وبسبب انحناء الفضاء حَوْل الشمس يضطَّر ضوء نجم مرَّ بالقرب منها إلى الانحناء، ولو قليلاً، في خطِّ سيره.
الضوء يسير في خطٍّ مستقيم، فإذا مرَّ بمجال الجاذبية الشمسية، “انحرف”، فما الذي تسبَّب في انحرافه؟ ليس لهذا السؤال سوى إجابة من إجابتين: أنَّ الشمس شدَّت إليها وجَذَبَت شعاع الضوء، فانحرف قليلاً؛ ثمَّ تغلَّب، بسرعته الهائلة، على هذه “القوَّة”، فعاوَد السير في خطٍّ مستقيم، أو أنَّ “السطح الفضائي” الذي يسير عليه شعاع الضوء هو الذي تغيَّر في جوار الكتلة الشمسية، فانحرف الضوء قليلاً، وكأنَّ “الطريق الفضائية” هي التي مالت بشعاع الضوء، فمال معها.
“السطح الفضائي الكروي” الأقرب إلى الشمس هو الأكثر انحناءً، والأبعد عنها هو الأقل انحناءً، فكلَّما ابتعدنا عن “الكتلة” قلَّ انحناء الفضاء حَوْلها، فالفضاء إنَّما يشبه بخار ماء (أو غيم) يتكاثف حَوْل كتلة كروية؛ ويشتدُّ كثافةً على مقربة منها.
و”السطح الفضائي الكروي” الأقرب إلى الشمس هو الذي فيه تتأخَّر الساعة أكثر (من تأخُّرها في “السطح الفضائي الكروي” الأبعد) وكأنَّها الساعة في جسم تسارَع في سيره في الفضاء حتى بلغ سرعة عالية.
وهذا هو معنى أنَّ الجاذبية الشمسية هي مَظْهَر “انحناء الزمان ـ المكان (=الفضاء)”، أو “الزمكان”، حَوْل الكتلة الشمسية
إذا سِرْتَ على سطح الأرض في موازاة “خطِّ الاستواء” فإنَّكَ لا تستطيع أن تسير في “خطٍّ مستقيم” من غير أن تسير، في الوقت نفسه، في “خطٍّ دائري”. ومع ذلك، تستطيع، في أثناء سيركَ هذا والمتناقِض هندسياً، أن تنعطف إلى اليمين، أو إلى اليسار، وأن تتفرَّع، في سيركَ، من نقطة ما من نقاط الخطِّ المستقيم الذي تسير فيه لتسير في خطٍّ دائري، حتى تعود إلى النقطة التي منها تفرَّع سيركَ.
وكلَّما اتَّسَعَت الدائرة (أو اتَّسَع محيطها) قلَّ “انحناء” الخطِّ وزادت “استقامته”؛ وكلَّما صَغُرَت زاد “انحناء” الخطِّ وقلَّت “استقامته”.
في الفضاء، أين يستطيع الجسم الذي يسير بسرعة ثابتة منتظَمة أنْ يسير في “خطٍّ مستقيم”، مستوفياً، بالتالي، شروط النَظَر إليه على أنَّه في حالٍ من “السكون”؟ إجابةً نقول: يستطيع ذلك، على وجه الخصوص، حيث يُمْكِن النَظَر إلى “الحيِّز الفضائي” الذي يسير فيه هذا الجسم على أنَّه خالٍ، أو يكاد يخلو، من “الكُتَل الضخمة”، ككُتَل النجوم والمجرَّات..
هنا، أي في مثل هذا “الحيِّز الفضائي”، يَظْهَر “السطح الفضائي” الذي يسير عليه الجسم على أنَّه “مستوٍ”، أو في “منتهى الاستواء”، فالفضاء ينحني ويتقوَّس ويتحدَّب حَوْل “الكُتَل الضخمة”.
على أنَّ هذا “الحيِّز الفضائي”، أو “السطح الفضائي”، لا وجود له، ولا يُمْكنه أن يُوْجَد، إلاَّ إذا كان متَّحِداً اتِّحاداً لا انفصام فيه مع “كتلة كونية ما”. وهنا ينبغي لنا ألاَّ ننسى أنَّ الفضاء كله ينحني ويتقوَّس ويتحدَّب حَوْل “كتلة الكون”.
وعليه، يُمْكِن ويجب أن ننظر إلى الفضاء الكوني برمَّته على أنَّه “المنحني الذي يتفاوت مَوْضِعياً في شدَّة انحنائه”، ففي هذا “المنحني الفضائي الكوني” نرى هذا الجزء أكثر انحناءً من ذاك، وأقل انحناء من ذلك. إنَّ الفضاء حَوْل الكرة الأرضية، على سبيل المثال، أكثر انحناءً من الفضاء حَوْل القمر، وأقل انحناءً من الفضاء حَوْل الشمس.
وليس من كتلة، ولو كانت في منتهى الضآلة، لا ينحني الفضاء من حَوْلها ويتقوَّس ويتحدَّب.. حتى “الإلكترون”، مثلاً، ينحني حَوْله الفضاء انحناءً يتناسب مع كتلته.
والفضاء ينحني، أيضاً، حيث تتجمَّع وتتركَّز “الطاقة”، فليس من فَرْق، في هذه الناحية، بين “الكتلة” و”الطاقة”.
والفضاء ينحني، ويشتد انحناءً، حَوْل “الجسم المتسارِع”، ولو كان “مركبة فضائية”، فكلَّما زادت سرعة الجسم زادت كتلته، وزاد انحناء الفضاء حَوْله.
الجسم الذي يسير في الفضاء بسرعة ثابتة منتظَمة وفي خطٍّ مستقيم (أي الجسم الذي في حالٍ من السكون) إنَّما هو الجسم الذي فيه يتوازن تأثير قوى متناقضة. وهذا “التوازن”، الذي بفضله يَبْطُل تأثير تلك القوى، يُظْهِر لنا هذا الجسم على أنَّه غير متأثِّر بـ “قوَّة ما”، أو بـ “قوى ما”.
وعليه، نقول إنَّ “القصور الذاتي” لهذا الجسم “غير مُسْتَفَز”؛ لأنْ ليس من “قوَّة” تؤثِّر في هذا الجسم بما يجعل سرعته تزيد، أو تنقص، أو بما يُخْرِجُهُ عن الاستقامة في خطِّ سيره.
إنَّ “قصوره الذاتي” يُسْتَفَز”، و”يثور”، و”ينتفض”، إذا ما أثَّرت فيه، أي في هذا الجسم، “قوَّة ما”.
في الفضاء، ليس من قوى وعوامل تكبح حركة الجسم، وتقلَّل سرعته، كتلك التي تكبح حركة كرة على سطح طاولة (الاحتكاك، والهواء). ولكن الفضاء لا يخلو مِمَّا يسبِّب كبح حركة الأجسام فيه، كحركة الكرة الأرضية حَوْل نفسها، وحَوْل الشمس. ومن هذه “الكوابح الفضائية” الرواسب الكونية كالنيازك والشهب.
تخيَّل جسماً يسير في “حيِّز فضائي”، أو على “سطح فضائي”، لا يتأثَّر فيه بـ “الجاذبية”. الآن، سَرِّع هذا الجسم، أي اجْعَله “يتسارَع”، أي زِدْ سرعته، وهو يسير في خطٍّ مستقيم (أُفُقي).
ما أن يشرع “يتسارَع” حتى يََظْهَر فيه تأثير “قوَّة مضادة تعمل في اتِّجاه معاكِس”. لو كان هذا الجسم مركبة فضائية، وكنتَ مسافِراً على متنها، لَشَعَرْتَ أنَّ “قوَّة” قد شدَّتكَ إلى الوراء ما أن شرعت مركبتكَ “تتسارَع” في سيرها إلى الأمام. ويكفي أن تشدكَ تلك “القوَّة” حتى يَكْتَسِب جسمكَ “وزناً”، وكأنَّكَ أصبحت خاضعاً لتأثير “جاذبية”، مع أنَّكَ تسير ومركبتكَ في “حيِّز فضائي” لا وجود فيه لـ “الجاذبية”.
“القوَّة” التي شدَّتكَ (أو سَحَبَتْكَ) إلى الوراء تَظْهَر لنا، في تأثيرها، على أنَّها “قوَّة كابحة للتسارُع”؛ وهذا “الشد” نراه مُقْتَرِناً بظاهرة “تقلُّص وانكماش طول المركبة في الاتِّجاه الذي تتحرَّك فيه”.
و”الدفع إلى الأمام” نراه إذا ما شرعت سرعة المركبة تتضاءل؛ ونرى “الدفع إلى اليسار” إذا ما انعطفت المركبة إلى اليمين، ونراه “إلى اليمين” إذا ما انعطفت إلى اليسار.
في هذا المثال، نرى “القصور الذاتي” للجسم، أو المركبة، وقد “انتفض” أربع مرَّات: عند التسارُع، وعند التباطؤ؛ عند الانعطاف إلى اليمين، وعند الانعطاف إلى اليسار. “انتفاضة القصور الذاتي” تَشُدُّ الجسم في عكس اتِّجاه حركته، فينشأ عن ذلك الشعور بالجاذبية.
ومع كل “انتفاضة” تتحوَّل “الساعة (في الجسم أو المركبة)” من “حال السكون” إلى “حال الحركة”، فـ “يتمدَّد (أو يتقلَّص) الزمان”.
و”الساعة المتحرِّكة” نراها في جسم تسارَع ويتسارَع، أو في جسم يدور في الفضاء حَوْل جسم آخر أعظم منه كتلةً، كدوران الأرض حَوْل الشمس. ونحن نَعْلَم أنَّ هذا الجسم (أي الجسم الذي يدور حَوْل جسم آخر أعظم منه كتلةً) يَخْضَع لتأثير “قوَّة” تسمَّى “القوَّة الطاردة المركزية”.
والجسم يكفي أن “يتسارَع” حتى “تتأخَّر الساعة” فيه، أي “يتمدَّد (أو يبطؤ) الزمان” الخاص به، وتزداد كتلته، ويتقلَّص طوله في اتِّجاه حركته، ويزداد انحناء وتقوُّس وتحدُّب الفضاء حَوْله، وتَعْظُم جاذبيته، وتُخْتَصر المسافة الفضائية بينه وبين “الموضع” الذي يتحرَّك نحوه.
“تسارُعه” إنَّما يعني ازدياد “طاقته”، فـ “كتلته”؛ وبسبب “التسارُع” مع ما يتمخَّض عنه من نتائج فيزيائية قد يتحوَّل هذا الجسم، في آخر المطاف، إلى “ثقب أسود”.
أُنْظُر الآن إلى حركة كرة على سطح الأرض. إنَّها تتحرَّك وتنتقل وتسير ليس على النحو الذي “تُريد”، أو “ترغب فيه”، فهي في “الشكل الهندسي” لسيرها “مُكْرهة”، “مجبرة”.
إنَّها تسير في خطٍّ مستقيم إذا كان السطح الذي تسير عليه مستوياً، فإذا بلغت منحدَراً انحدرت في سيرها، أي هبطت من علو إلى أسفل، وإذا بلغت مرتفعاً ارتفعت في سيرها، أي صعدت من أسفل إلى علو، وإذا وقعت في أُخْدود دائري سارت فيه في خطٍّ دائري. إنَّها لا تغيِّر، وليس في مقدورها أن تغيِّر، الشكل الهندسي للطريق التي تسير فيها؛ فهذه الطريق هي التي تُقرِّر لها، وتُحدِّد، كيف تسير.
الكرة تسير على سطح طاولة في خطٍّ مستقيم؛ لأنَّ هذا السطح مستوٍ، فلو انحنى وتقوَّس لاضطَّرت إلى أن تسير في خطٍّ منحنٍ.
وسير جسم في الفضاء إنَّما يشبه سير الكرة على سطح طاولة مستوٍ، أو منحنٍ، فوجود كتلة ضخمة (في الفضاء) ككتلة الشمس يجعل الفضاء الذي حَوْلها على هيئة “سطح كروي”، يُكْرِه “الكُرات” الصغيرة (الكتلة والحجم) على أن تنحني في خطِّ سيرها بما يوافِق انحناؤه هو.
وعلى هذا النحو، ولهذا السبب، تدور الكواكب حَوْل الشمس. إنَّ كل كوكب يسير على أحد السطوح الفضائية الكروية للشمس، ففي الكون نرى الكُتَل الصغيرة تدور حَوْل الكُتَل الكبيرة.
و”تحدُّب” الفضاء حَوْل كتلة الشمس الضخمة هو ما يُفسِّر دوران الأرض وسائر الكواكب الشمسية حَوْل تلك الكتلة، فكوكب الأرض لا يدور حَوْل الشمس لأنَّ الشمس تشده إليها وترغمه على الدوران حَوْلها.
إنَّ تحدُّب الفضاء حَوْل الكتلة الشمسية هو الذي يرغمه على الدوران حَوْلها. وكل “مدار” يدور فيه أحد الكواكب إنَّما يشبه أُخدوداً دائرياً محفوراً في الفضاء المحيط بالشمس.
وبسبب انحناء الفضاء حَوْل الشمس يضطَّر ضوء نجم مرَّ بالقرب منها إلى الانحناء، ولو قليلاً، في خطِّ سيره.
الضوء يسير في خطٍّ مستقيم، فإذا مرَّ بمجال الجاذبية الشمسية، “انحرف”، فما الذي تسبَّب في انحرافه؟ ليس لهذا السؤال سوى إجابة من إجابتين: أنَّ الشمس شدَّت إليها وجَذَبَت شعاع الضوء، فانحرف قليلاً؛ ثمَّ تغلَّب، بسرعته الهائلة، على هذه “القوَّة”، فعاوَد السير في خطٍّ مستقيم، أو أنَّ “السطح الفضائي” الذي يسير عليه شعاع الضوء هو الذي تغيَّر في جوار الكتلة الشمسية، فانحرف الضوء قليلاً، وكأنَّ “الطريق الفضائية” هي التي مالت بشعاع الضوء، فمال معها.
“السطح الفضائي الكروي” الأقرب إلى الشمس هو الأكثر انحناءً، والأبعد عنها هو الأقل انحناءً، فكلَّما ابتعدنا عن “الكتلة” قلَّ انحناء الفضاء حَوْلها، فالفضاء إنَّما يشبه بخار ماء (أو غيم) يتكاثف حَوْل كتلة كروية؛ ويشتدُّ كثافةً على مقربة منها.
و”السطح الفضائي الكروي” الأقرب إلى الشمس هو الذي فيه تتأخَّر الساعة أكثر (من تأخُّرها في “السطح الفضائي الكروي” الأبعد) وكأنَّها الساعة في جسم تسارَع في سيره في الفضاء حتى بلغ سرعة عالية.
وهذا هو معنى أنَّ الجاذبية الشمسية هي مَظْهَر “انحناء الزمان ـ المكان (=الفضاء)”، أو “الزمكان”، حَوْل الكتلة الشمسية
مواضيع مماثلة
» الحركة والسكون في الكون/9/
» الحركة والسكون في الكون/10/
» الحركة والسكون في الكون/11/
» الحركة والسكون في الكون/12/
» الحركة والسكون في الكون/1/
» الحركة والسكون في الكون/10/
» الحركة والسكون في الكون/11/
» الحركة والسكون في الكون/12/
» الحركة والسكون في الكون/1/
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى